لا يكاد يمر يوم صيفي إلا ويندلع حريق في غاباتنا وحقول أشجارنا، فبعد أن أقلقتنا حرائق مواسم القمح والشعير التي ذهبت بمحاصيل الفلاحين أدراج الرياح في عدة محافظات، تستعر حرائق الغابات والأشجار التي نجت من مناشير الحطابين، بشرارة مفتعلة أو إهمال وتسيب.
فرق الإطفاء صارعت النيران المستعرة في غابات الصنوبر في ارياف حمص وحماة وطرطوس واللاذقية والسويداء، والتي أتت على مساحات واسعة من غابات عمرها بعمر أجيال من البشر، وقد كشفت تلك الحرائق نقصاً في الكوادر والإمكانات من آليات وتجهيزات لم تستطع معها فرق الإطفاء والدفاع المدني والزراعة أن تسيطر عليها قبل أن تلتهم مساحات كبيرة من الغابات والأشجار المثمرة.
بعض الحرائق مفتعل بلا شك، وبعضها الآخر نتيجة إهمال من قبل أشخاص يقومون بحرق بقايا أعشاب وأغصان ناجمة عن تقليم أشجار حقولهم، لكن معظم الحرائق يسجل باسم فاعل مجهول استطاع أن يضع في ذمته عشرات الحرائق، بل مئات وآلاف الدونمات المحروقة!!
مبادرات خجولة على أهميتها، وخطط لا ترقى إلى مستوى الحدث لإعادة تشجير المناطق المحروقة، وإذا ما نظرنا إلى خطط الدول الأخرى في التشجير الحراجي فإننا نصاب بالدهشة، فهذه أثيوبيا البلد الإفريقي تزرع في يوم واحد نحو 350 مليون شجرة ضمن مبادرة وطنية بيئية لزراعة 4 مليارات شجرة خلال ستة أشهر لمواجهة التآكل السريع للغابات.
اليوم نحن بحاجة إلى خطة إعادة تشجير وطنية سريعة وعلى مستوى واسع تشارك فيها كل الفعاليات الأهلية والحكومية والشبابية، حملة تشجير حقيقة –ليست للتصوير فقط- تقودها وزارة الزراعة المعني الأول بتحضير الغراس في المشاتل وتأمين نقلها إلى الأحراج التي تضررت ومتابعة سقايتها ورعايتها حتى لا تموت مع آخر فلاش كاميرا يطفأ.
لقد عملت الدولة في عقود مضت على مشروع الحزام الأخضر، وغرست مئات الآلاف من الأشجار المثمرة، واستصلحت عشرات آلاف الدونمات وقد نجحت إلى حد كبير في هذه المهمة، ونحن اليوم بحاجة إلى إعادة اللون الأخضر إلى مساحات كبيرة ضربها سواد النار وسواد الفكر والقلب.. لتعود رئة السوريين تستنشق أوكسجين الحياة من جديد.
عبد الرحيم أحمد
التاريخ: الأربعاء 13 – 11-2019
رقم العدد : 17121