«آنَ الكــرمُ يُعتصــــر».. بأنامــــلٍ.. تُنطــــــقُ الحجــــــر

وحدها العناوين المميزة بما تحمله من معانٍ عميقة واستثنائية، وبما تشير إليه ويدعونا إلى التوقف لديها، وقراءة ما فيها من مضامينٍ مبدعة وراقية.. وحدها، من تستحق أن نلقي عليها الاهتمام، لاسيما إن اختيرت من أجملِ وأروع الكلام.. الشعر، الذي لابدَّ له وإن تعتَّق في حناجر ذهبية، من أن يشدو عشقاً للوطن الذي تتعطر به الأغنية.
إنه ما مكّن قناة «سورية دراما» من شدنا لمتابعتها، وباستضافتها للنحات والموسيقي والتشكيلي «بهاء علي معلا» الذي أكَّد لنا، بأن كروم العطاءِ الإبداعي، لابد أن تهبَ المشاهد ما يترسخ في ذاكرته فخراً، بما يقدمه ويوثق له المبدع السوري.
كيف لا؟!!. وما ابتكره هذا المبدع من آلاتٍ موسيقية ولوحات تشكيلية، ومنحوتات تجسِّد وتوثِّق للحضارة السورية، هو أجمل وأصدق وأوفى الرسائل الفنية – الجمالية – الإنسانية.. الرسائل التي أراد من ابتكارها وتطويره لأدواتها وأفكارها، مواجهة وتحدّي كل بشاعات العالم، بجمالِ ما تصنعهُ أناملهِ الرائية.
لاشك أنها رسالةٌ، لابدَّ أن يكون قد قرأها أو سمعها، كلّ من تابع البرنامج الوثائقي «آنَ الكرم يعتصر» وما فيه من حكايا ليتها طالت ولم تُختصر..
ليتها طالت فيما روته بلسانِ فنانٍ، لم تكن سيرته ومسيرته، والطموحات التي جعلته يحاكي الصامت والجامد، ببراعةٍ موهبته.. لم يكن كلّ هذا، هو فقط ما دفعنا لمتابعته، بل أيضاً ما استعرضه من أعمالٍ، منحه البرنامج جلّ وقته لإنطاقها وسماع منطقها، ولاسيما تلك المنحوتات التي لم يستدعِ من خلالها تاريخ الفينيقيين القديم، وسفنهم التجارية والحربية والبحرية فقط، وإنما أيضاً تاريخنا الحالي، بل واقعنا بما فيه من وجوهٍ وشخصيات ومعالم وحروب، أفظعها التي عشناها ودفعته بعد أن استهدفت وطنه، إلى توثيق إرثِ هذا الوطن وحضارته.. «سورية» التي أبى إلا أن يواجه من سعى لطمسِ تراثها والاستحواذ على موروثها، بأعمالٍ وثَّق من خلالها كنوزها التراثية والأثرية، والأهم البشرية.
نعم.. الأهم الكنوز البشرية، وباختلاف الوجوه الي تركت في مجتمعنا بصماتٍ إبداعية أو فنية أو نضالية.. الكنوز التي بهرنا بقدرته على تتويجها بـ»أم الشهداء» التي هي سوريته.. تحملُ أبناءَ الشمس على رأسها، وترنو إلى المدى اللانهائي بسطوعِ نورها.. هي الحياة التي شاءها، فنبضت بها منحوتته..
كل هذا تابعناه في برنامجٍ، يحتاج لحلقاتٍ وحلقات كي يفي إنجازات هذا المبدع حقها. ذلك أن مهاراته وتفاصيل ما تحدث عنه منذ طموح طفولته، وصولاً إلى تمرسه في العديد من الفنون التي أثبت من خلالها سمو ورقي وجمال رسالته.. كل هذا، يحتاج لأن يتحدث عنه تفصيلاً، ناهيك عن دراسته الموسيقية، واختراعاته لآلة القانون والعود، وبراءة الاختراع التي نالها بسبب تطويره لهذه الآلة الشرقية.. أيضاً، تجاربه العديدة، وتقنيات عمله الدقيقة والفريدة. المدارس التي اعتمدها، والأدوات التي استخدمها.. اجتهاده واهتمامه بإبداعاته، وما قدمه وجمع بين الأصالة والتراث والحاضر، والمستقبل بآماله وجماليته.
كل هذا يجعلنا نقول: شكراً «سورية دراما».. شكراً لمعد البرنامج ولكلّ من جعلنا نردِّد عفواً ما استدعتنا إليه كروم مبدعنا:
«هنا التُرابات من طيبٍ ومن طربٍ/ وأين من غيرِ شآمٍ يطربُ الحجرُ/ نعتِّقُ النغماتِ البيض نرشفها/ يوم الأماسيَ لا خمرٌ ولا سهرُ/..
فعلاً.. آن الكرمُ يُعتصر، بل اعتُصرَ، وبأناملٍ أنطقتْ بإبداعها حتى الحجر..
هفاف ميهوب

التاريخ: الثلاثاء 19 – 11-2019
رقم العدد : 17126

 

آخر الأخبار
إعزاز تحيي الذكرى السنوية لاستشهاد القائد عبد القادر الصالح  ولي العهد السعودي في واشنطن.. وترامب يخاطب الرئيس الشرع  أنامل سيدات حلب ترسم قصص النجاح   "تجارة ريف دمشق" تسعى لتعزيز تنافسية قطاع الأدوات الكهربائية آليات تسجيل وشروط قبول محدّثة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة  سوريا توقّع مذكرة تفاهم مع "اللجنة الدولية" في لاهاي  إجراء غير مسبوق.. "القرض الحسن" مشروع حكومي لدعم وتمويل زراعة القمح ملتقى سوري أردني لتكنولوجيا المعلومات في دمشق الوزير المصطفى يبحث مع السفير السعودي تطوير التعاون الإعلامي اجتماع سوري أردني لبناني مرتقب في عمّان لبحث الربط الكهربائي القطع الجائر للأشجار.. نزيف بيئي يهدد التوازن الطبيعي سوريا على طريق النمو.. مؤشرات واضحة للتعافي الاقتصادي العلاقات السورية – الصينية.. من حرير القوافل إلى دبلوماسية الإعمار بين الرواية الرسمية والسرديات المضللة.. قراءة في زيارة الوزير الشيباني إلى الصين حملات مستمرة لإزالة البسطات في شوارع حلب وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها