المبادرة التي أطلقها بداية هذا الشهر عدد من رجال المال والأعمال في طرطوس لتسديد القروض التي سحبها الشهداء من مصرف عقاري طرطوس قبل استشهادهم، مبادرة في غاية الأهمية نظراً لنتائجها النفسية والمعنوية والاقتصادية الإيجابية جداً على ذوي الشهداء، الذين كانوا في وضع سيّىء جداً بعد أن تراكمت عليهم الأقساط واتخذ المصرف إجراءات إدارية وقانونية لتحصيلها منهم وصل الكثير منها لمرحلة الإعلان عن بيع المساكن الساكنين فيها بالمزاد العلني، وبعضها لمرحلة الإنذار بالإخلاء.. ما جعل زوجات هؤلاء الشهداء وأبناءهم وأمهاتهم يعيشون فترة من الخوف والرعب وصلوا خلالها إلى قناعة مفادها أن مساكنهم باتت في مهب الريح وأنهم قد يلقون في الشارع جراء ذلك!
لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة في ضوء الرسائل والاتصالات والشكاوى والمناشدات التي تلقيناها نحن ومكاتب الشهداء والمصارف بعد هذه المبادرة هو.. ماذا عن بقية قروض الشهداء المستجرة من فروع أخرى للمصرف العقاري على امتداد ساحة الوطن؟ ترى هل ستجد من يبادر لتسديدها من رجال المال والأعمال في محافظاتنا قبل أن يقع فأس الإجراءات والقانون برؤوس ذوي شهدائنا أم سيبقون يعيشون الخوف والرعب جراء الديون المتراكمة عليهم والإجراءات القانونية المتخذة بحقهم؟.
في إطار الإجابة عن هذا السؤال وغيره أقول إن الأمر الطبيعي والضروري أن يتم إعفاء ذوي الشهداء من تسديد القروض التي استجرها أبناؤهم قبل استشهادهم -كما حصل عام 2018 عندما صدر مرسوم بإعفائهم من تسديد القروض المسحوبة من مصرفي التوفير والتسليف فقط – لكن إذا كانت الحكومة غير راغبة فيه لأسباب مختلفة -رغم أن أحد المعنيين قال لي إن كل الديون المتبقية لا تصل قيمتها لأكثر من مئتي مليون ليرة- فنتمنى أن تعلن عن ذلك بكل شفافية وتقول: (الحكومة لن تعفي).. عند ذلك نتمنى من رجال المال والأعمال في كل محافظة أن يبادروا ويقوموا بتسديد قروض الشهداء وذويهم في العقاري وكل المصارف دون استثناء، فلا يجوز أن يبقى هذا الملف نازفاً، ولا أن تبقى أسر شهدائنا تحت رحمة وعيد وتهديد مصارفنا بحقهم.
هيثم يحيى محمد
التاريخ: الخميس 21 – 11-2019
رقم العدد : 17128