أوتار… الحب..حركة اللحظة بعد الأخرى

ثورة أون لاين:
آراء
الأربعاء 7-10-2009م
ياسين رفاعية
ليس أجمل من أن ينشأ حب بين انسانين.. فالحب يطهر النفس ويشذب الروح ويجمل الوجود دائماً، منذ شبابي إلى اليوم، أجد أن الله أعطانا هذه العاطفة كي نسعد في الحياة، بل أن نعيش حياتنا بكل ما فيها من جمال وبهجة وحبور.
بعض العلماء قالوا إن الحب ليس موجوداً في القلب.. بل في الدماغ…‏
حسناً. ليكن في أي مكان، سواء في الدماغ.. أو القلب.. أو الروح.. أو الجسد أيضاً. إنه وحده الذي يجعلنا نشعر بالوجود. نشعر بالناس المحيطين بنا، نشعر بالعطور، والورد.وكل ما هو نظيف وجميل. في الحب، الوجود كله رقص، وغناء. إنه حركة اللحظة بعد الأخرى. وبه يسمو الانسان إلى مستوى الآلهة. الحب يمر بنا كالطيف، لكنه طيف هائل من المشاعر. عندما يبدأ تبدأ الحياة. بدءاً من الجسد، ثم ينتقل تدريجياً إلى الأعمق. إنه يتطور بإيقاع جميل.‏
يتسرب إلى النفس ببطء ووعي أيضاً.. وعندما نعشق نشعر برهافة الحياة وحركتها ونتحرك بثقة حقيقية بأنفسنا. وفي الحب نستدرك أن كل ذرة وكل وردة وكل ريشة عطر… أشياء من الحب الرائع.‏
كرجل، أرى ما وراء الجسد، القلب مركز وجودنا الحقيقي، وعندما يخفق في الحب نشعر بالاسترخاء الجميل.. وخصوصاً عندما تبادلني المرأة التي أحببتها هذا الشعور النبيل.‏
في الواقع الحب فيه شيء من النبل والفروسية والطموح. في أن يحقق المرء أمنيات ما كانت لتنمو لولاه. وبه ننتقل إلى أعماق الكينونة القابعة وراء الجسد: العقل والقلب مركزان حقيقيان لنمو الحب. وبه تصبح النشوة ممكنة وستملأ كياننا بالسعادة والفرح ويستحوذ على حياتنا الرضا.‏
وفي الحب نسير بإيقاع معين يشبه الأغنية الهادئة، ويتحول المرء إلى طفل صغير، لم تعكره الحياة بعد.‏
أحياناً ينتابنا التوتر والضجيج. هنا نستطيع أن نوظف الحب كطاقة خلاقة تفعل المعجزات.. أقول إن الحب الحقيقي والأصيل يوقف التوتر عند حده..‏
لقد أمضى المحلل النفسي الكندي د.هانس سبهي حياته كلها يعمل على مشكلة واحدة «التوتر» وقد وصل على حد تعبيره إلى نتائج عميقة، إحداها هو أن التوتر ليس خطأ دائماً. ويمكن استخدامه بطريقة جميلة جداً. وليس بالضرورة أن يكون سلبياً. فالتوتر بحد ذاته يمكن استخدامه كمعبر، يمكن جعله شيئاً خلاقاً. لكن لم يخطر ببال د. هانس أن الحب وحده يقف ضد التوتر بل يجعله من غير قيمة في حياة الانسان… ففي اللحظة التي يشعر فيها الانسان بأنه متوتر، يستذكر الحب، أي حب. حب الوالدين.. حب الأبناء.. والأكثر من كل هذا حب الحبيبة. فيهبط التوتر إلى الصفر.. وينهض الحب بنا إلى حد الاستشعار بالراحة والهدوء والسكينة.‏
في كل ما روي عبر العصور، كان الحب أجمل الروايات. وأجمل القصص.. فنحن نحب أن نشاهد الأفلام السينمائية التي تروي لنا قصص الحب.. كذلك الحال في المسلسلات التلفزيونية. ما من رواية في العالم إلا وكان الحب عصبها وإلا تصبح مملة، ونرمي الكتاب جانباً بعد عدة صفحات من قراءته.‏
الحب يعمل كل ما يحافظ على بقائنا أحياء. وبعضنا يتحاشاه.. يقول لك مالي وهذا الحب الذي ينقلب إلى الضد أو أن تحدث خلافات بين الحبيبين فيبدأ الحب بالانهيار. عادة، الحب عمره قصير، إنه يشبه الربيع.. أو الوردة الجميلة وسرعان ما تذبل. حسناً.. لنعش هذا الحب مهما كان عمره قصيراً.. من أن نعيش دونه.. فبالعيش دون هذا الحب، نصبح كالحيوانات في الغابات لا يهمنا إلا الايقاع بالفريسة.. هنا يتجلى الفرق بين الحيوان والانسان.. الحيوان يعيش ليأكل، الانسان يعيش ليحب. كنت قرأت مقالاً عن الحيوانات أراد صاحبه أن يثبت أن الحيوانات تحب.. فأقول أنا إن العلاقة بين الأسد وأنثاه علاقة جنس وعادة.. قد يدير الأسد ظهره لأنثاه في أي لحظة.. وقرأت أيضاً أن الناقة إذا فقدت ذكرها الجميل.. تهيم في الصحراء دون ماء ودون طعام إلى أن تموت وقد أطلقوا على هذه الحالة في الصحراء العربية «الناقة الدهماء» أي العاشقة.. كل ذلك أرده إلى الجنس وحفظ النوع. لكن في الانسان الحب يختلف.. إنه ينقلنا من حال إلى حال، ومن الفوضى إلى النظام.. وفي ذروة الحب يتأنق الحبيبان. ويعتنيان بمظهرهما ولباسهما ونظافتهما.. وعندما يلتقيان يلتقيان وهما في أحسن حال.. الحب، هنا ليس قيداً، الشفقة ليست قيداً. الحب والشفقة ضروريان جداً لتغذية الانسان. وكلما كان الحب جيداً ازادات امكانية نمو الوعي بالحياة.‏
في الحقيقة لقد أصبح الانسان في العصر الحاضر، أكثر وعياً، ولم يعد الانغماس في اللذات القانون الأساسي للبشر، فعلاً، أصبح الانسان أكثر وعياً لجسده. التعليمات التي لقّنا اياها على مدى القرون كانت سلبية، حتى قيل في بعض الأحيان إن تعذيب الجسد انضباط روحي.. انت تمشي، تأكل، تشرب. هذه أشياء كلها دليل على أنك جسد ووعي كعضوية كاملة، فلا يمكنك أن تعذب الجسد وتزيد وعيك. ازاء ذلك يجب أن تحب.. كما قلت سابقاً.. هذا هو الفرق بين الانسان والحيوان. يجب أن يكون الحب صديقك. وبيتك أيضاً، لذلك يجب أن تنظفه من الفضلات وتذكر دائماً، عندما تكون صادقاً معه. يكون هو في نفس الوقت في خدمتك. حتى وأنت نائم يجعلك تعيش الحلم الجميل.. صحيح أن الجسد يعمل باستمرار على هضم الطعام وتحويله إلى دم وغذاء، لكن الحب يخلصك من الخلايا الميتة. يزودك بالأوكسجين النقي.. وأنت تغط في النوم العميق‏
عندما تدرك وعيك وكينونتك لا يغدو هناك أي حاجز بينك وبين الله ثم بينك وبين الحب، لأنك في الايمان والحب تحترم نفسك وتحترم الآخرين. وللحب تعابير مختلفة، تنويعات تغني الحياة. وعندما يجد الانسان الحب داخل نفسه، يجد المفتاح نحو المطلق. وأي ثقافة لا تعتبر الحب أساس الحياة وقانونها ولا يعلمك كيف تلج أسرار الحياة.‏
سألت شاعراً صديقاً.. هل أحببت؟‏
قال: ليس بعد‏
قلت: ليس بعد!! إذاً كيف يجب أن تكتب شعراً؟‏
قال: لم يأت الوقت المناسب بعد.‏
الوقت المناسب لا يأتي أبداِ يا أستاذ. ليس الأمر مجرد حكاية.. وأنت ترى معي أحياناً أن الملايين من البشر ينتظرون الوقت المناسب.. يموتون دون أن يحصلوا عليه.. من هنا علينا اقتحام الحب. إن لم يكن اليوم فغداً. والحب فرصة لا تفوت. بل هو الفرصة الوحيدة في الحياة. والحب في هذا المعنى ليس بحاجة إلى قراءة الكف.. متى يأتي الحب ومتى لا يأتي. الوقت المناسب الذي ربما لن يجيء هو نوع من التخدير والاستسلام. والحياة لا تمضي بالاستسلام والاتكالية بل بالطموح والاقتحام. والحب هو من النوع الذي يجب أن نقتحمه دون توقف إلى أن نعثر عليه في امرأة رائعة وجميلة نفساً وروحاً وجسداً. ثقافة الحب يجب أن نعيشها بامتلاء، أن نخلق به جنتنا على الأرض، لا أن ننتظره الذي يمكن ألا يجيء حتى بعد الموت. لندع الموت جانباً، إنه مصيرنا جميعاً على كل حال. لنرقص حباً وفرحاً، إنه، الحب، تجربة فريدة في حياة كل منا بأن نستطيع أن نعيشه كأننا في الجنة. فليأخذ الموت بعد ذلك، شيئاً من تجربة الانسان على اختلاف مراميها.‏
الحب يجعلك تحترم جسدك. ونحترم روحك. إنه مقدس مثلها، كل شيء في الوجود مقدس لأنه ينبض بالحب. وبه يصبح الانتقال من لحظة إلى أخرى، ومن مرحلة وعي إلى أخرى.. وقد يكون الجسد هنا نائماً. لكن الحب يكون يقظاً بعمق.. إن الحب شيء أساسي من الجسد. الجسد الذي يحتوي على مليارات الخلايا الحية. ولكل خلية حياتها الخاصة، لقد فقدنا القدرة على الاندهاش.. لكن الحب وحده هو الدهشة الجميلة. إذا نظرنا عميقاً إلى أنفسنا نجد أن الغذاء إذا كان هو الذي يغذي الجسد.. فالحب هو الذي يغذي الروح والقلب والحياة بشكل عام.‏
عندما يتواجد ويتواقت نبض قلبك مع نبض امرأة ما.. عندئذ تكون قد عثرت على حياتك.‏

 

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان