خلّها علينا ..؟

 

 

 

 

لم تكشف الأيام والوقائع زيف ما كان وتحدثنا عنه كثيراً باعتزاز، أكثر مما هو الآن، في حكايا التراث القريب والبعيد سمعنا وقرأنا عن هذا التاجر، وذاك، كم رووا لنا أن فلانا من التجار كان يضع قسماً من بضاعته على قارعة الطريق لمن يحتاج، وآخرون اسقطوا ديون المحتاجين والفقراء، وبمناسبات كثيرة أغدقوا الهدايا ووزعوا الاعطيات لكل من شعروا أنه محتاج، دون ان يعرف أو يسمع احد ما بما قاموا به، بل إن من يذيع وينشر مثل هذه الاخبار ينظر إليه بعين الريبة والشك، في الجعبة الكثير من هذه الحكايا التي نستذكرها اليوم، وتصدمنا الوقائع التي نراها ونتابعها، ونعيشها فعلاً حقيقياً، ما يجعلنا نتساءل: بحق هل جرت هذه الروايات أم أنها محض خيال ؟
ويشط السؤال بنا بعيداً بعيداً، عن الامانات والربح الحلال وعدم الاستغلال، وتهل أمثلة كثيرة عن التجارة التي بارك الله بها، هل هي هذه التي نراها اليوم، أم تلك التي يقوم بها من بقلبه وضميره مشاعر الرحمة والانسانية، فلا يأكل لحم أخيه، لا حياً، ولاميتا، هل التجارة هي التي يقولون عنها شطارة، أي شطارة، أهي بتكديس المال الحرام ؟ أهي أن أذبح المشتري من الوريد إلى الوريد ؟كيف تغيرت القيم والمباديء، بل لماذا تغيرت وتبدلت، إن كانت كما رويت لنا وسمعناها بحكايات الخوالي ؟
على فرض أن نصفها هراء بهراء، هل يعني ذلك ان الخيال الشعبي يتوق لأن يكون مثل هؤلاء التجار موجودين على ارض الواقع، فكان ان اخترع القصص والحكايا، لعلها تصل إليهم (التجار ) وتدخل الرحمة قلوبهم، ليس الأمر أبعد من نسج خيال، فالفقر عبر التاريخ كان قاتلاً صامتاً ، اصحاب رؤوس المال هم من ينظر إليهم بعين الرضا، والاحترام والتقدير، ولكن مهلاً: هل التجار في بلدان العالم كله هكذا ؟
لا نظن أن وطناً ظهرت فيه حالات الاستغلال وعدم الرحمة كما هي عندنا، بالتأكيد لم ولن نعمم، لكن الاغلبية لم ترحم لم تشعر للحظة واحدة بشيء من التواد والتعاطف والرأفة، كلنا أكلنا لحم بعضنا بعضاً، الواقع اليومي يقدم بكل خطوة عشرات الأمثلة، الكل يشكو الغلاء وما يجره على الفقراء، والكل ينهش ما استطاع، من الحلقة الأصغر في التجارة إلى الأكبر في التوريد والتوزيع، والجميع صاروا يعرفون بسعر الصرف وقيمة الدولار، من بائع البقدونس، إلى من يخطر ببالك أو لايخطر، بضائع مكدسة بالمخازن، واستوردت بالدولار المدعوم بدمائنا وعرقنا، ومن يعنيهم الأمر نائمون في العسل، قصص تبدأ ولا تنتهي، إن دلت على شيء فإنما على عمق الهوة الاجتماعية، وعلى الفصام الذي نعيشه، إن لم نقل نفاقاً جماعياً، قد يكون المصطلح قاسيا، وحاداً لكن لابد منه، لا نرحم بعضنا بعضاً، ولا نعرف معنى أن نكون يداً واحدة، وفوق هذا وذاك يكاد البائع يذبحك وهو يقول لك: خلها علينا، بالله (خليها علينا ) أليس الرياء بحد ذاته ؟ كم أتوق للحظات شجاعة أن اتركها عليه، أمضي لكن ليكن المبلغ كبيراً، فماذا سيحصل ؟
ديب علي حسن

التاريخ: الجمعة 29 – 11-2019
رقم العدد : 17134

 

آخر الأخبار
جولة ثانية من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في روما أردوغان: إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار في المنطقة جنبلاط: هناك احتضان عربي للقيادة السورية واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ... بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة"