أوهـــــام أردوغـــان ورهـــاناتــــه الخــاســــــرة

انزياح خطير في مشهد السياسة التركية ظهرت ملامحه بحديث مستفز لأنقرة عن نيتها وضع اليد على جزء من حقول النفط بغية تمويل خطط توطين الإرهابيين، وعائلاتهم في المناطق التي يسعى أردوغان إلى احتلالها في الشمال السوري تحت عنوان (منطقة آمنة)، وهذا الحديث المستفز والمريب في توقيته وأهدافه وأبعاده لا يراكم الفشل والإخفاق الذي يضرب التعهدات والاتفاقات الدولية التي يمثل النظام التركي طرفا رئيساً في تنفيذها فحسب، بل من شأن هذا الحديث أن يكون سبباً إضافياً لدمشق وموسكو للبدء بعملية عسكرية لتحرير إدلب المدينة المخطوفة من النظام التركي وإرهابييه، بهدف وضع الأمور في نصابها الصحيح، ووضع حد لتطاول وتمدد الطموحات التركية التي يبدو انها وجدت في الصبر الاستراتيجي السوري مرتعاً خصباً لها لمواصلة سياسات العبث والتصعيد والاستغلال والابتزاز.
في حقيقة الأمر فقد شكل هذا التحول التركي في التعاطي مع الوقائع على الأرض احباطاً لموسكو التي كانت تنتظر العكس من أنقرة، أي أن موسكو كانت تنتظر من أردوغان المسارعة إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في آستنة وسوتشي، لاسيما مماطلة النظام التركي في سحب الإرهابيين من «المنطقة منزوعة السلاح» التي أقرها اتفاق «سوتشي» الموقع منتصف أيلول العام الماضي، والذي ينص في أحد بنوده على فتح الطريقين الدوليين من حلب إلى كل من حماة واللاذقية أمام حركة المرور والترانزيت بنهاية عام ٢٠١٨، إلا أن دعم أنقرة للإرهابيين وعدم الضغط عليهم لتنفيذ الاتفاق بصفتها ضامناً له، كان السبب الرئيس لإجهاض تنفيذ الاتفاق.
المشهد على الأرض يشي بالكثير بعد أن بدا أن الدولة السورية قد باشرت التحضير لعملية عسكرية واسعة بدعم من حلفائها في ضوء الحديث عن انزياح وتمدد خطير في السلوك التركي قد يتجاوز بحجمه لعبة تبادل الأدوار التي يلعبها الأميركي والتركي خلف محاولاتهما المتواصلة والمحمومة للعبث والتصعيد بالواقع المرتسم، في ظل مراكمة النظام التركي لهروبه وتهربه من تنفيذ وتطبيق الالتزامات والاتفاقات التي لطالما تشدق وتعهد بتنفيذها وتطبيقيها على الأرض.
هذا السياق المتحول بأبعاده الخطيرة دفع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إجراء مكالمة هاتفية مع رئيس النظام التركي دعاه فيها إلى تكثيف الجهود لمكافحة التنظيمات الإرهابية في سورية وإلى المسارعة في تطبيق وتنفيذ الاتفاقات الروسية التركية الخاصة بإرساء الاستقرار في منطقة إدلب.
إذا تلوح في الأفق ملامح مرحلة جديدة من تقليم أنياب وأظافر النظام التركي وإرهابييه في الشمال السوري في ظل تواتر المعلومات عن احتمال أن يقوم الجيش العربي السوري بعملية عسكرية واسعة وبدعم من القوات الجوية الروسية لتحرير مدينة إدلب، وذلك بعد نفاد صبر دمشق وموسكو من مماطلة النظام التركي في سحب الإرهابيين من المنطقة التي أقرها اتفاق «سوتشي».
وفي هذا السياق واصل الجيش العربي السوري استقدام تعزيزاته العسكرية إلى جبهات القتال في محاور الريفين الجنوبي والشرقي لإدلب، في وقت أغارت مقاتلاته الحربية على معاقل الإرهابيين بالقرب من خطوط التماس، وقالت مصادر شعبية ومحلية إن الجيش العربي السوري يستقدم تعزيزات عسكرية كبيرة وجديدة إلى مناطق تعتبر خطوط تماس، مثل خان شيخون جنوب إدلب والتي قد تكون منطلقا لعمليات عسكرية جديدة قد ينفذها في أي وقت، وكانت وحدات من الجيش قد قامت خلال الساعات الماضية بتوجيه ضربات موجعة ضد تجمعات ومعاقل الإرهابيين على طول جبهات القتال، ولاسيما الواقعة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، وريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، وريف حلب الجنوبي الغربي، كما حقق سلاح الجو في الجيش إصابات مباشرة، وقتل وجرح عشرات الإرهابيين في محيط مدن إدلب ومعرة النعمان وبنش، وفي أطراف بلدات معصران وحيش والتح وحران ودير شرقي وأم جلال وتحتايا وأم التينة والبرج وتل دم جنوب وجنوب شرق إدلب، في وقت خاض فيه اشتباكات متقطعة على محور منطقة الراشدين على التخوم الغربية لمدينة حلب، حيث يقوم الإرهابيون بإطلاق قذائف صاروخية باتجاه أحياء المدينة الآمنة بين الحين والآخر، بأوامر مباشرة من مشغلهم التركي، لخلق جو من التصعيد يغطي على جرائمه المرتكبة في المناطق التي احتلها شمال شرق سورية في تل أبيض ورأس العين.
بكافة الأحوال فإنه يمكن القول إن المشهد في الشمال بات يرقد على مقربة من الحسم منتظراً قرار دمشق الانتقال إلى مرحلة جديدة في معركة محاربة الإرهاب، لاسيما في مدينة إدلب التي اختطفها الإرهاب بدعم من النظام التركي.
فؤاد الوادي

التاريخ: الخميس 19 – 12-2019
رقم العدد : 17150

 

آخر الأخبار
أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه