بأيادينا نصنع الأمل ..

 

سئل الفيلسوف ( جورج برناردشو )يوماً : من هو المتفائل؟ و من هو المتشائم ؟ فقال : المتفائل يرى ضوءا، و كل ما حوله ظلام و المتشائم هو الذي يرى ظلاما و كل ما حوله نور ، و الحقيقة أن الفرق بين المتفائل و المتشائم كالفرق بين الناظر إلى النصف المملوء من الكأس و الناظر إلى النصف الفارغ منه فهنا الكأس واحد و ممتلئ بالماء حتى نصفه لكن النظرة تختلف.. فهناك المتفائل الذي يرى الماء و المتشائم الذي يرى الفراغ ..
و التشاؤم مؤداه الإحباط و اليأس لذلك دق علماء النفس ناقوس الخطر بعد ان بحثوا عن أسباب الانتحار فأجروا تجارب و دراسات على أشخاص أصابهم الإحباط و اليأس و ربما فكروا بالانتحار بعد فشلهم في أمر من الأمور أو فقدانهم الأمل في تحقيق ما حلموا به و رأوا ان السبب في وصولهم الى تلك الحالة كانت السيرة الذاتية عندما كانوا أطفالا فقد لاقوا عدم الاهتمام من الأهل و العصبية عند الأب و الام أو أحدهما و عدم الاتزان و التوازن في التربية عند بعض الأسر و البيئة و أسباب أخرى.. كل منا يعرف أشخاصا كانت حياتهم تمر هكذا روتينية دون نجاحات تذكر، بل بدون علامات فارقة تميزهم عن الآخرين.
حتى وإن سألتهم فتراهم يتذمرون من الآخرين يشعرون بقلة حظهم في هذه الحياة غير ناجحين في حياتهم الأسرية أو في عملهم و اذا استطعت أن تنفذ إلى تاريخ أحدهم ترى ما ترسب من تصرفات خاطئة للأهل عندما كانوا صغارا فأهلهم كانوا ينظرون إليهم نظرة سلبية تدل على عدم الرضا و حتى كلماتهم كانت قاسية و لجوء البعض إلى أسلوب الضرب .ان هذا التصرف تجاه أطفالنا ستنعكس عليهم مستقبلا فطفل اليوم هو رجل المستقبل فهل نريده رعديدا جبانا مترددا ام شجاعا مقداماً جسورا وصاحب قرار ؟؟ .. نحن نبني أنفسنا بالنسبة للآخرين من خلال نظرتهم إلينا و رأيهم فينا وكلامهم و نظراتهم و تصرفاتهم و كلها لها تأثيرها المباشر ..
إن الطفل يختزن هذه السلبيات و يعيد التصرف وفقها في مرحلة المراهقة أو النضج و يحولها ضد نفسه و في حياته المستقبلية نراه كلما صادف عقبة أو فشل في تحقيق أهدافه أو أحلامه أو كان هناك فرق بين طموحاته و الواقع الذي يعيشه شك في نفسه و في قدراته و عاد ليظن أنه لا يصلح لشيء و أنه غير كفء .يتطور الأمر عند بعض الأهل فيتصرفون تصرفات غير متزنة مع اولادهم و يصل بالبعض إلى إيقاع العنف الجسدي أو المعنوي… هذه التصرفات و غيرها و لوم الأهل بسبب و بلا سبب سيترك جروحا لا تندمل ..
و يرى العصبية الصادرة منهم فتتأزم نفسيته و تسوء حالته شيئا فشيئا و تنكسر قيمته بنظر نفسه و سيبحث بالجوانب النفسية دون أن يدري معتبرا نفسه مخطئا و فاشلا و هذا نوع من التدمير الذاتي ويمارس هذا الدور طوال حياته ما لم يوقفه سبب ما أو إجراء مناسب أو تغيير جوهري من الأهل ينقلبون من حياة التعنيف و الشدة و القسوة إلى حياة زرع الأمل في حياة أطفالهم .ما أحلى ان نزين حياتنا بالأمل ضمن دائرة من التفاؤل … يقول عالم الاجتماع و المرشد النفسي و الباحث التربوي عبد العزيز الخضراء: علينا ألا نغالي في الاتجاه نحو التفاؤل أو ننحدر إلى مهالك التشاؤم ..
فالتشاؤم يصدر عن ضعف الثقة في النفس و المبالغة في الخوف من الفشل و ان تكون ثقتنا في الله عالية فلا نخاف المستقبل و لا نرهبه بل نوجه امكاناتنا وقدراتنا نحو مواجهة المستقبل بكل تحدياته و صعوباته .. فالتفاؤل و الأمل هما مادة النصر و هما عنوانا النجاح … فالمتشائم هو الذي يوجد العقبات أمام الفرص التي تسنح له فالأحمق يرى النور و الضوء و لا يصدقه .. اما المتفائل فهو الذي يجعل من الصعب فرصا تغتنم ويرى روح التفاؤل قوة دافعة له لها أثرها البعيد و لها مفعولها الأكيد في النجاح و تنشيط العقل و حفز الهمم للوصول إلى الأفضل..و أخيرا نقول :ان الأمل بأيدينا نصنعه و بتفكيرنا نبنيه و بخطواتنا و تصرفاتنا نجعل حياتنا افضل .

أيمن الحرفي
التاريخ: الجمعة 27-12-2019
الرقم: 17156

 

 

 

آخر الأخبار
هل يشهد سوق دمشق للأوراق المالية تحولاً جذرياً؟  لحظة تاريخية لإعادة بناء الوطن  وزير الاقتصاد يبحث مع نظيره العماني تعزيز التعاون المستشار الألماني يدعو لإعادة اللاجئين السوريين.. تحول في الخطاب أم مناورة انتخابية؟ صناعة النسيج تواجه الانكماش.. ارتفاع التكاليف والمصري منافس على الأرض القهوة وراء كل خبر.. لماذا يعتمد الصحفيون على الكافيين؟ إعادة التغذية الكهربائية لمحطة باب النيرب بحلب منظمة "يداً بيد" تدعم مستشفى إزرع بمستلزمات طبية إعادة الإعمار والرقابة وجهان لضرورة واحدة حملة لإزالة الإشغالات في أسواق الحميدية ومدحت باشا والبزورية محافظ درعا يبحث مع السفير الإيطالي الاحتياجات الخدمية والتنموية من الدمار إلى الإعمار... القابون يستعيد نبضه بالشراكة والحوار الموارد البشرية المؤهلة … مفتاح التغيير المؤسسي وإعادة البناء بدء مشروع تخطيط طريق حلب – غازي عنتاب كيف فرضت "البالة" نفسها على جيوب الحلبيين؟ سوريا تؤكد أمام اليونسكو التزامها بالتحديث التربوي الأمم المتحدة: بدء مرحلة ميدانية جديدة في سوريا للبحث عن المفقودين بعد سقوط النظام انتهاكات إسرائيلية ضد المدنيين وعمليات توغل هستيرية الشهر المنصرم صدام الحمود: زيارة الشرع لواشنطن تعيد سوريا إلى واجهة الاهتمام الدولي إسماعيل بركات: التعامل مع "قسد" وفق منهج بناء الدولة والعدالة الانتقالية