ثورة أون لاين:
« كل عام وأنتم.. في ومع وطنكم »
معاً على الطريق
السبت 3-9-2011
قمر كيلاني
هذه العبارة (كل عام وأنتم بخير) التي تجري على ألسنة الناس مجرى الماء في السهول والمنحدرات تكاد تفقد قيمتها إن لم نعرف معناها ودلالتها.. فهل الخير في توفر أسباب الحياة من غذاء وكساء أم الخير في المال ورفاه الأحوال..
أم في اقتناء ما يلزم وما يلزم من الأشياء.. أم في النفوذ وبسط السلطان؟ يبدو أن كل هذا يتجمع في الأمن والأمان وهذا هو الخير في عرف كل إنسان.. فما بالنا وأوطاننا كلها تتهدد في السر والعلن.. وتلتهب في ربوعها الساكنة الملأى بالخيرات نيران العداوة والبغضاء والمحن؟ لا.. لا خير إلا في تعاطف الناس بعضهم مع بعض.. وتعاونهم وتآزرهم.. وأن يحسب كل منهم حساب غيره قبل أن يحسب حساب نفسه.. ولنا فيما حولنا أنصع دليل.
وها نحن نتلفت حولنا فلا نجد إلا من يضرم النار.. ومن يعمل قاصداً أو غير قاصد على خراب الديار.. فالخراب سهل لكن الإعمار هو الصعب. وها نحن نحاول أن نستمد هناءة أو راحة ممن حولنا من الدول العربية أو الأراضي العربية فلا نجد إلا من تهز أركانهم الأطماع.. أطماع الغير لا في الاستيلاء على خيراتنا فقط بل على السيادة علينا والتحكم فينا أيضاً.
وها هي إسرائيل كما يبدو لي وهي المغتصبة للأرض وما فيها تصمت عن كل ما يجري فينا.. وكأن فرحاً غامضاً يتسرب اليها عندما تتهاوى أعمدتنا ونخسر قوانا ولا نعود قادرين على أن نستعيد منها حقوقنا. هذا الفرح عبر عنه أولمرت في عبارة يكاد لا يتذكرها أحد وهي: (دعوا الغوييم يقتلون الغوييم) فالغوييم هم الأغيار.. هم نحن الذين يريدون أن يبيدونا ولو استطاعوا عن بكرة أبينا.. وأن تقوم دولتهم مشعلاً حضارياً ديمقراطياً يهيمن على المنطقة كلها.. أليست هذه حقيقة يجب أن نكشف عنها الستار ونستوعبها ونعيها؟
أعياد حزينة مرت علينا في الوطن العربي كله من الخليج الى المحيط.. سواء الذين مستهم الأحداث.. واشتعلت في ربوعهم النيران.. أو الذين تجري أمامهم الوقائع أصواتاً وصوراً أمام أسماعهم أبصارهم وبصائرهم أيضاً. أعياد حزينة جفت فيها الدموع التي لم تعد تنفع.. ولا صرخة الحق التي لم تعد تشفع.. والعيون تهفو الى الكثير الكثير من المقابر التي دفنا فيها بأيدينا أحبتنا أو أبناء وطننا أو حتى أطفالنا.
أعياد حزينة تقطر بالألم والعذاب.. وهي ليست مسؤولية أحد بل هي مسؤولية كل أحد منا لندفع عنا هذا القدر العاتي.. وهذا الظلم والظلام الباغي.
كل عام وأنتم إما في أوطانكم تدافعون عنها بأرواحكم.. وإما مع هذه الأوطان وأنتم بعيدون عنها. ألم يتفرق العرب والمسلمون (أيدي سبأ) في كل بقعة من بقاع العالم من الدول المتجمدة في الشمال، أو غيرها، أو في كندا التي لا يظن أحد أن فيها من ينفخ النار العربية؟.. ألم تصل أصواتهم هؤلاء إلينا من القارات الخمس؟.. إنهم مع أوطانهم سواء في الاحتجاج أو في الغضب والتنديد والوعيد، أو في إرسال المعونات الى الجوعى والمحتاجين في الصحارى، وفي أصقاع ترفع راية العروبة والعربية كالصومال وغيرها.
لعل خيطاً من نور يربطنا بماضينا الذي سيصبح مستقبلنا حيث نعود كياناً واحداً.. وكتلة واحدة هي العربية والعروبة.. وكم من بلاد مرت بها المصائب والمحن فزادتها قوة واقتداراً.. وجمعت شتاتها بعدما تباعدت وتباغضت فإذا هي تعود أمة واحدة.
وصدق القرآن العظيم فيما يرد من آياته البيّنات: ((فليفرحوا هو خير مما يجمعون)).