إعادة التدوير هي سمة العصر فيما يخص الحفاظ على الموارد ومكافحة التلوث البيئي من خلال الاستفادة القصوى من النفايات الصلبة وإعادة تدويرها لاستخدامات أخرى تعود بالنفع على الناس، لكن يبدو أن هناك في منطقتنا وفي بلدنا من لا يتقن من هذه الصناعة سوى إعادة تدوير الأوهام التي جلبت الدمار والخراب للأوطان والدول.
يقول الحديث الشريف «لا يُلدغ المؤمن من جُحْر مرتين» وهذا يحمل إشارة واضحة إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الماضي قريبها وبعيدها بحيث لا يكرر المرء أخطاء غيره فكيف بأخطائه، ليس هذا فحسب بل يحض على اليقظة والفطنة وعدم الوقوع في الفخ مرتين.
الجحر الذي لا نزال نلدغ منه مرات ومرات ليس خافياً على أحد، بل يعلن عن نفسه بقوة التبجح والزهو الفاقعة، فالإدارة الأميركية المنفلتة من كل القيم والأخلاق والإنسانية، لا يكاد يمر يوم إلاّ وتعلن أنها تستثمر في مصير شعوب العالم وتبيع وتشتري بحقوقهم من دون أن يدفع ذلك الدول والجماعات المرتبطة بها والمنضوية تحت لواء هيمنتها إلى مراجعة موقفها منها أو علاقتها بها.
فبعض القوى المحلية في سورية المرتهنة لسلطة المحتل الأميركي والتي تحلم بدعم هذا المحتل لتحقيق مطامعها الخاصة، مازالت تتجرع خديعة الوهم وتعيد تدوير أوهامها، رغم أنها تسمع يومياً كما يسمع الجميع إعلان ساكن البيت الأبيض بكل وقاحة أن جنوده الذين أبقاهم في المناطق الشمالية الشرقية في سورية أبقاهم لهدف واحد ألا وهو حماية حقول النفط وسرقتها، وبشكل مؤكد لهدف آخر لم يعلنه وهو إبقاء حالة الفوضى في سورية خدمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
قد لا تتذكر تلك القوى أحداث التاريخ لكن عليها ألا تنسى أنه قبل أشهر حزم جنود الاحتلال الأميركي أمتعتهم وانسحبوا تاركين مناطق انتشارهم شمال البلاد تحت رحمة الأطماع العثمانية ووحشية جيش أردوغان، ولم يحم السوريين هناك سوى جيشهم الوطني الذي انتشر خلال أيام على مسافة مئات الكيلومترات حارساً للحدود وحامياً لها.
المطلوب اليوم ممن يعيدون تدوير الأوهام التوقف عن ذلك وتجنب الوقوع في الفخ الأميركي مرات ومرات لأن الحكمة تقتضي إعادة النظر في سلوكنا وسياساتنا، ليس إرضاء لأحد وإنما للمصلحة الوطنية الجامعة فليس عيباً التراجع عن سلوك أو سياسة ثبت فشلها وكارثيتها على الوطن والشعب.
عبد الرحيم أحمد
التاريخ: الأربعاء 15- 1 -2020
رقم العدد : 17169