في هذه الظروف التي نعيشها تحاول معظم الأسر ضغط نفقاتها واللجوء إلى طرائق تخفف من أعباء المعيشة اليومية. ولكن يبدو أن محاولات الاقتصاد في الأشياء والاحتيال على واقعنا المعيشي لن تجدينا الكثير من النفع للتخفيف من المصروف، لأن مصروفا آخر سيظهر أمامك ناتج عن آثار تخفيف المصروف الأول، بحيث يكون له منعكسات سلبية نحن بغنى عنها ولكن لا مفر من المحاولة ..
تقول أم سعيد، فكرة التوفير في ظل الظروف الاقتصادية التي نعيشها في الوقت الحاضر أصبحت صعبة، وربما شبه مستحيلة، حيث كان من أولوياتي وضع ميزانية شهرية أنظم بها مصروف أسرتي ألتزم بها وأحدد بها الأولويات وهذا ما كان يجنبني القلق بشأن عادات الإنفاق على مدار الشهر، إلا أن هذه الطريقة في ظل غلاء الأسعار لأغلب المواد جعلتني أركز على شراء المواد الضرورية وفي حدها الأدنى حتى بتنا نمتنع عن شراء مواد أساسية ضرورية لصحة الجسم كاللحوم الحمراء التي ارتفعت أسعارها بطريقة فاقت التوقعات وهذا ما جعلنا ندفع الفرق فاتورة في صحتنا وتعويضها بشراء الدواء.
أما أم محمد فتقول، يعتبر الالتزام بميزانية منزلية تحدياً كبيراً فالمرأة معنية باقتصاد الأسرة، حيث حاولت في هذه الظروف اتباع طرق عديدة ولجأت إلى التحايل على بعض الأمور وهدفي التوفير فكانت النتيجة أن ارتد هذا التوفير عليّ بالأسوأ وعليه لجأت إلى شراء منظفات مصنعة يدوياً مجهولة المصدر فأتت النتيجة بأن هذه المنتجات بلا فعالية ودفعت فاتورة التوفير بأن أصبت بمرض جلدي وأنا اليوم أشتري مراهم للمعالجة.
بدورها تلجأ أم عمر إلى الاقتصاد من خلال إعداد الطعام لمدة ثلاثة أيام بهدف توفير الغاز إلا أنها تقول ما ألبث أن أكتشف أن هذا التوفير لامعنى له حيث يفقد الطعام قيمته الغذائية وفي أغلب الأحيان تصاب عائلتي بالملل من الطبخة ناهيك بأن أعود وأستعمل الغاز الذي وفرته بتسخين الطعام
بينما تقول أم كامل كنت ألجأ دائماً إلى الجمعيات المالية التي كانت تقضي لي كثيراً من الأمور العائلية إلا أني اكتشفت في هذه الظروف أن عادتي أغرقت أسرتي بالدين المالي
سيدة أخرى حاولت التوفير واستخدام أكياس الخضار والفواكه للقمامة بدل الأكياس المخصصة لهذه الغاية بسبب ارتفاع تكاليفها الذي تجاوز الـ 1500 ليرة للكغ فجاءت النتيجة بأن دفعت الفرق سائل جلي وليف خاصة للتنظيف وكان ذلك نفقات إضافية من آثار هذا التوفير.
سيدة أيضاً وضعتنا في صورة التوفير في شراء الملابس والأحذية ذات النوعية السيئة وكانت النتيجة معروفة للجميع «الاهتراء السريع».
لاشك أن مؤسسات التدخل الايجابي لعبت دوراً في هذه المرحلة بطرحها مواد بأسعار اقتصادية بفارق عن السوق من 15-20% إلا أن هذه المؤسسات غير متوفرة في كل الأحياء وبالتالي من يقصدها سيدفع ضريبة فرق الأسعار مواصلات التي باتت لا ترحم هي الأخرى في هذه الظروف.
يبدو أن عملية الاقتصاد باتت شبه مستحيلة في ظل ظروفنا المعيشية الحالية والغانم من يستطيع توظيفها بطريقة صحيحة علنّا نصل إلى اقتصاد أسرة متناسب مع واقع معيشتنا.
دمشق – وعد ديب
التاريخ: الجمعة 17-1-2020
الرقم: 17171