الإبــداع.. منظـــــور آخـــر..

 

تعتمد أصالة العمل الأدبي والإبداعي, وتأثيره في النفس البشرية على جملة من الأمور التي لا حصر لها في حقيقة الحال,منها ماهو معروف لدى النقاد, وهذا لا جدل فيه, ومنها ما يرتبط بالمبدع نفسه, وهذا ما لايمكن قياسه, أو وضع ضوابط محددة له. والحقيقة أن الأديب والمبدع الموهوب هو باختصار, ذلك الإنسان الذي يملأ المتلقي بالدهشة والإعجاب, بعدما وجد في انتاجه تأثيرا وتعبيرا ساميا عما يختلج في ذاته وضميره. وليس من حاجة هنا إلى أن نوضح عناصر التأثير في القطعة الإبداعية, رواية كانت, أو مقالة, أو قصيدة, أو نصا, أو منحوتة, أو قصيدة, أو قطعة موسيقية, أو أغنية, أو قصة بكل أنواعها, لأن لكل حالة إبداعية عناصر تأثيرها الخاصة والنوعية, فعناصر التأثير في القصة -على سبيل المثال – تختلف عن عوامل التأثير في القصيدة أو في القطعة الموسيقية, ونعتقد أن ذلك أمر مقدر ومعروف لدى المتلقي.
ومانريد قوله هنا هو أن المبدع, أيا كان حجمه وثقله, وعبر تأريخ الإبداع, فإنه قد يعلو أو يهبط أيضاً.. فمهما بلغت موهبة المبدع من الجودة والعظمة, فلايمكن أن يكون الأثر بين انتاج وآخر هو ذاته في مرتبة واحدة من القوة, لأنه من الطبيعي أن يضعف المبدع في نص أو إنتاج ما, ولكن ذلك لن ينقص أو يضعف من شأنه, ولو فتشنا في آثار المبدعين الكبار, لوجدنا بيسر وسهولة, أن ثمة قطعاً ضعيفة, ربما كان من الأجمل عدم نشرها بين الناس, والأمثلة أكثر من أن تعد بين مبدعينا المعاصرين والقدامى على حدّ سواء. وثمة أمر مهم جدا في هذا السياق لابدّ من الإشارة إليه والتنويه به.. وهو أن منابع الإبداع كله, في كل الحضارات -على مانعتقد -قديمها وجديدها, وهو ما يحمي المبدعين الجدد من رقابة النقاد الصارمة..
فالنقاد القدامى والجدد كثيرا ما حاولوا الغمز من بعض الموهوبين في زمانهم, بأنهم ليس لهم فضل أو أثر في أعمالهم, وليس لهم فخر فيها, ذلك لأن أفكارهم مستلة من غيرهم أو ممن سبقوهم. والرد على هذه المأخذ بسيط وميسور, لأن منطق الإبداع يقول ببساطة: إن الأفكار والرؤى, ومنابع الإبداع والجمال, ليست حالات منتهية, وليست من الأمور التي ينتهي الأخذ منها, بحيث لايجوز لشاعر – على سبيل المثال – أن يحيد عنها ويجتنبها, وأن عليه أن يكتفي بمن سبقه من الشعراء, والحقيقة أن تلك الأمور تتمتع بالآفاق التي لا يحدّها سقف هنا أو هناك, وفيها تتضح إمكانات هذا الشاعر أو ذاك وموهبته في المعالجة وشكل ومضمون التناول لذات الهم والموضوع.
ويحضر مثال هنا على ماذهبنا إليه, فثمة منبع جمالي ينشأ من مقاربة بين الأزهار, والخدود على الوجه, والمفترض أن تكون هذه المشابهة والإبداع فيها, قد انتهت منذ زمن بعيد لأن المتأثرين بهذا الوصف أكثر من أن يحصوا, لكن مانلاحظه أن الشعراء المطبوعين, مازالوا قادرين على الإبداع, وأن حالات الإبداع لن تقف عند حدّ, ذلك أنه لكلّ إنسان إحساسه الخاص به, مما يجعله قادراً على أن يرسم صوراً تختلف عن الصور التي رسمها من جاء قبله.وهذه النوعية في طبيعة الإبداع, لانتهى ولما كان ثمة إبداع بعد.

عبدالمعين محمد زيتون
التاريخ: الأحد 26-1-2020
الرقم: 17177

 

 

 

آخر الأخبار
هل خدع نتنياهو ترامب لجرّ واشنطن للحرب ضدّ إيران؟ رابطة الصحفيين السوريين: اعتداءات "إسرائيل" على الإعلاميين في الجنوب ترقى إلى جرائم حرب تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران يتصدر أعمال قمة مجموعة السبع تصعيد إيراني في عناوين الصحف: إسرائيل تحت النار والولايات المتحدة في مرمى الاتهام خلخلة الاستثمارات عالمياً خبير مصرفي لـ"الثورة": تراجع زخم الاستثمارات تحت وقع طبول الحرب سعيد لـ"الثورة": الأسواق المالية عرضة للصدمات الخارجية الحلبي في مؤتمر الطاقات المتجددة: من التبعية إلى الإبداع... والتعليم العالي شريك وزير الصحة ومحافظ إدلب يُجريان جولة ميدانية لتفقد المنشآت الصحية المتضررة بريف إدلب غياب الفيلم السوري عن مسابقة الأطفال في "الاسكندرية" قهر الاغتراب.. في وجوه الرواية وتمرّد الحياة الفاضلة مينه: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذّبين في الأر... هجوم إسرائيلي يُطيح بقيادة الظل .. مقتل رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني ونائبه الإصلاح الضريبي في سوريا.. ثقة تحتاج لترميم لجان وصلاحيات وصولاً إلى صيغ مناسبة للعدالة بالضريية رحلة أوروبية جديدة تصل دمشق وتدشّن خط طيران مباشر بين سوريا ورومانيا التقاعد: بوابة جديدة للحياة أم سجن الزمن؟. إجراءات سورية أردنية جديدة لتنظيم عبور الشاحنات وتعزيز التبادل التجاري " مثقف السلطة بين عهدين ".. تضخّم الذات والخوف من الرقيب اللاذقاني : الثورة السورية أعادت لي هويتي ... معالجة مشكلات المياه في قطنا وضمان عدالة التوزيع على مختلف الأحياء "أفراح الكرامة"... فسيفساء فنية تحتفي بالهوية السورية أيام وزان ريتا حلبي في تجربة أداء "ملف نفسي"