رسالة إدلب

 في لغة الواقع هناك ما يتجاوز النظرية، ويَرقى إلى القاعدة التي تقول: العاجزُ عن الفهم لن تتغير أحواله، سيَبقى عاجزاً مهما تكرر الأمر معه مرةً بعد مرة.
وفي السياسة هناك ما يُفيد بأن العاجز عن امتصاص الهزيمة مرة سيُهزم أخيراً، ذلك حتمياً سيَقع، ولكن ربما بتكلفة أكبر وأعظم، بما لا يُقارن مع حالات أخرى يكون المَهزوم فيها أقل وهماً وأكثر قابلية للفهم والاعتبار.
اللص أردوغان لم يَفهم رسالة حلب، لم يَفهم كل الرسائل التي أتت بعد حلب، وتلك التي سبَقَتها، ولو لم يكن عاجزاً عن فهمها لكان فهم رسالة إدلب الحالية قبل الشروع بكتابتها انطلاقاً من ريف حماة، واستفادة من تجارب الماضي، أهمها رسالة حلب!
وحده أردوغان لم يفهم؟ أم معه آخرون يُعززون أوهامه فضلاً عن تَعزيز حالة الإنكار؟ وإذا كان الواقع يُشير فعلياً إلى أنه لا يبدو وحيداً في عدم الفهم، وبعَدَميّة القدرة على امتصاص الهزيمة مرة بعد أخرى، وهو ما سيُوصله ومن معه إلى الهزيمة الكاملة، فإنه – وبقية الشركاء – بالتأكيد يُسيء التقدير لجهة حجم التكاليف التي سيدفعها فاتورةً لحماقات قديمة يُراكم عليها حماقات إضافية اليوم في إدلب.
الإدارة الأميركية لا تَبتعد، بل هي في عُمق المَشهد بصفتها مركز القيادة والتحكم، الفرقُ بينها وبين من تَستخدمهم أدوات في مشروعها الإرهابي هو أنها لا تريد أن تفهم، ولا تريد الاعتراف بالعجز والهزيمة، يَهيأ لها أنَّ ما لم يتحقق لها اليوم سيَتحقق غداً، ذلك بتفعيل الخطط البَديلة، وبمُحاولة استنزاف أدواتها عبر تَكليف جديد، ومن خلال اجترار تَوزيع آخر للأدوار.
النتيجة واحدة، العاجزُ عن الفهم لن تَتَغير حاله، والعاجزُ عن امتصاص الهزيمة سيُهزم أخيراً، وإنّ من لم يفهم أنّ مسار أستانا الذي انطلق في مثل هذه الأيام من 2017 لن يتوقف، ولن تُعطله حركة بهلوانية هنا أو مُحاولة تسويف أو تنصّل أو مُماطلة هناك، مَحطاته ستَكتمل، وستَنتهي المُهل الزمنية والفُرص التي يُتيحها، وبعدها ربما ستَفهم أطراف منظومة العدوان مُتأخرة أن رسالة إدلب ستكون الرسالة ما قبل الأخيرة التي تُصاغ بالجدية وروح المسؤولية لتَضع نهاية مُماثلة لمنطقة الجزيرة.
الطريقُ إلى المَعرّة لا يَختلف عن الطريق إلى التنف، قد يَتقدم أحدهما على الآخر، لكن دائماً لاعتبارات تُحددها سورية بتقدير حكيم للمَوقف، بالتعاون مع حلفائها، ووفق حركة واثقة تُجيد ترتيب الأولويات، تُمسك المُبادرة، وتَنتزع من العدو الأوراق، لتُضيفها إلى رزمة الأدلة وقرائن الإدانة ضده، قبل أن تَجعلها تحترق وتتحول رماداً.
بَواسل جيشنا العربي السوري اليوم في ريف محافظة إدلب الجنوبي الشرقي، وغرب حلب لا يَكتبون فقط بالثّبات والتضحيات حروف السيادة ومَعانيها المُعتملة برسالة إدلب، بل يَخطّون بالدم والبطولة رسالة الوطن التي لا يَفهمها إلا الأحرار الشرفاء، والتي لا أهليّة لترامب وأردوغان وأمثالهما على فَهمها طالما بَقي العجز مُسيطراً عليهما، والرأس منهما مَملوء بالوهم والحماقات.

الافتتاحية بقلم رئيس التحرير: علي نصر الله
التاريخ: الأحد 26-1-2020
الرقم: 17177

آخر الأخبار
السيطرة الكاملة على حريق "شير صحاب" رغم الألغام ومخلفات الحرب    بين النار والتضاريس... رجال الدفاع المدني يخوضون معركتهم بصمت وقلوبهم على الغابة    تيزيني: غرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة كانت تعمل كصناديق بريد      تعزيز التعاون في تأهيل السائقين مع الإمارات بورشة عمل افتراضية     الإبداع السوري .. في"فعالية أمل" ريف اللاذقية الشمالي يشتعل مجدداً وسط صعوبات متزايدة وزير الطاقة: معرض سوريا الدولي للبترول منصة لتعزيز التعاون وتبادل الرؤى بطولات الدفاع المدني .. نضال لا يعرف التراجع في وجه الكوارث والنيران  وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"  وزير الطوارئ يتفقد مواقع الحرائق ويشيد بجهود الفرق الميدانية   500 سلة إغاثية لمتضرري الحرائق باللاذقية  السويداء على فوهة البندقية.. سلاح بلا رقيب ومجتمع في خطر  دمشق وأبو ظبي  .. مسار ناضج من التعاون الثنائي الحرائق تتمدد نحو محمية غابات الفرنلق.. وفرق الإطفاء تبذل جهوداً جبارة لإخمادها امتحانات البكالوريا بين فخ التوقعات والاجتهاد الحقيقي "لمسة شفا" تقدّم خدماتها الصحية والأدوية مجاناً بدرعا مشاريع خدمية بالقنيطرة لرفع كفاءة شبكة الطرق تطويرالمهارات الإدارية وتعزيز الأداء المهني بعد تدخل أردني وتركي..الأمم المتحدة تدعو لدعم دولي عاجل لإخماد حرائق اللاذقية متابعة التحضيرات النهائية لانطلاق امتحانات "الثانوية" في ريف دمشق