الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
افترض الفيلسوف كارل ياسبيرز أن التاريخ يمتلك فكراً إنسانياً عاماً، يتميز بجدل الأزمنة والثقافات. ويربط ياسبيرس هذا الفكر الشامل بمضمون مفهوم «الزمن المحوري» في حياة البشرية، عندما يظهر في كل مكان من العالم، معبراً عن ذاته في الأفكار والكلمات والأحاسيس وفي العلاقة مع الوجود الشخصاني والجمالي، الذي يطرد اللاشخصي «اللامحورية» من الوجود.
«الزمن المحوري» عند ياسبيرز، هو المرحلة المحصورة بين عامي 800 و200 قبل الميلاد، عندما كان فلاسفة الإغريق الأوائل، ومبدعو الزرادشتية في إيران، ومؤسسو البوذية في الهند، والكونفوشيوسية والمذهب الطاوي في الصين، يؤثرون ويعملون في آن واحد. وصنعت إبداعات هؤلاء مجتمعين دعوة إنسانية عامة هامة، الحقيقة الإنسانية العامة، التي كانت تظهر وتختفي دورياً. وينحصر معنى الفلسفة في تأمين إمكانية امتلاك هذه الحقيقة الإنسانية العامة، التي تظهر في كل عصر بشيفرة خاصة.
ناهض ياسبيرز الفوقية الأوروبية، لأن الفلاسفة العظام يقفون فوق الأزمنة، ويرى أن العظمة لا تكون إلا في ملامسة الأبدية. إنه يقترح طريقاً للتواصل متجاوزاً جميع الحواجز التي سيجت بها الثقافات المحلية نفسها.
يتجاوز ياسبيرز، بهذا الشكل، مذهب المركزية الأوروبية، ونجد هذا فيما قدمه عن نظريات العديد من مفكري الشرق العظام: بوذا، كونفوشيوس، لاوتسه. إنه يدعو إلى تركيز اهتمام العالم الثقافي الأوروبي على نظريات الثقافات الشرقية. إلى جانب ذلك، نجده يؤكد، بشكل مستمر، على أن تقاليد الفلسفة الشرقية تمتاز بالموقف العقلاني، بنفس الدرجة العقلانية التي يتميز فيها الفكر الغربي.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: االاثنين27-1-2020
رقم العدد : 984