لا يعكس قرار الجيش العربي السوري اجتثاث الإرهاب من مدن وبلدات وقرى الشمال السوري، ولا سيما ريفي حلب إدلب، إصرار الدولة السورية على محاربة الإرهاب وتطهير كل ذرة تراب من هذا الوطن من رجسه فحسب.. بل يؤكد جملة من الحقائق المهمة التي تتقاطع جلّها عند ضرورة تسليم أطراف الإرهاب بالواقع المرتسم الذي صاغته دمشق وحلفاؤها بالدماء والشهداء والتضحيات الجسام.
أبرز تلك الحقائق هي تهاوي منظومة الإرهاب وانهيار أدواتها، والتي بدلاً من أن تعترف بهزيمتها في الميدان وتُسلم بالقواعد والمعادلات التي باتت راسخة في عمق المشهد، اتجهت نحو سياسات التصعيد والتسخين على مختلف الجبهات، كجزء من محاولاتها المستمرة للعودة بالأمور إلى المربع الأول وإبقاء حالة الفوضى قائمة بغية التسلل إلى كل الفراغات والمساحات التي كانت ولا تزال تخلقها التحولات والتطورات السياسية والميدانية من أجل مزيد من التخريب والابتزاز وإشعال الحرائق التي تلتهم بدورها كل ما من شأنه أن يدفع بالحلول السياسية إلى الأمام.
هناك حقيقة مهمة أيضاً وهي سقوط مرحلة الرهان على الإرهاب والتعويل عليه للعبث بحوامل وعناوين المشهد، وهذه الحقيقة باتت ساطعة وملموسة تجسدها الحال والمآل الصعبة التي وصلت إليها التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها في ظل تضارب المصالح والطموحات والأهداف.
بكافة الأحوال وبعيداً عن كل المعطيات والمعلومات، يبقى الميدان بحقائقه الثابتة هو الصانع والمنتج الحقيقي للوقائع والحقائق على الأرض ويبقى هو من يرسم معطياته وإحداثياته الثابتة التي لا يمكن أن تتبدل أو تتغير تحت أي ظرف من الظروف وهذا ما يتوجب على الأميركي والتركي وأدواتهما فهمه جيداً، ومن ثم بناء المواقف والقرارات والسياسات على هذا الأساس، وليس على أساس أوهام وأحلام أضحت من الماضي السحيق الذي لا يمكن العودة إليه تحت أي ظرف من الظروف.
فؤاد الوادي
التاريخ: الثلاثاء 28 – 1 – 2020
رقم العدد : 17179