ثمة ظاهرة اتسعت دائرة انتشارها وأصبحت مصدراً للقلق في العديد من مواقع العمل وفي الحياة الاجتماعية أيضاً لما لهذه الظاهرة من تأثير على دقة المعلومة وأمانة مصدرها والثقة بهذا المصدر، أما الظاهرة فهي أن يرتبط التقويم السلبي لشخص ما بتضرر المصالح الشخصية لمن يتبرع بفتح ملفات هذا الشخص أو حتى تلفيق ملفات سلبية علية، ويبدو الأمر وكأنه اكتشاف جديد، ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك عندما ينسجون قصصاً وحكايات فيصبح الشخص المستهدف من رموز الفساد بعد أن كان مثالاً للنزاهة، يصبح مهملاً في عمله بعد أن كان بطل إنتاج، ويصبح منحرفاً وله علاقات لا أخلاقية، ويلجأ كاتب الملف إلى تحديد أسماء وأماكن ووقائع باليوم والتاريخ والساعة كي تبدو الحكاية محبوكة وقابلة للتصديق، وتصبح الوقائع على لسان كل الناس وينشر الملف في كل مكان، لكن تمر الأيام ليبدو الأمر زوبعة في فنجان كما يقال ولا أثر أو نتيجة لكل ما أثير، لكن الناتج هو إشغال الجهات الرقابية بمعلومات كيدية لا صحة لها، إضافة إلى أن الشخص المستهدف يصبح على لسان الناس من خلال تداول مايشاع .
أما الوجه الآخر لهذه الظاهرة وهو أكثر سلبية وخطورة عندما يرتبط ذلك بفعل ما، فيكون تلفيق المعلومات أو التشهير أو الانتقام كرد فعل على أمر ما لا أكثر … كأن يقوم فجأة موظف ليهاجم مديره في اجتماع أو مؤتمر أو في وسيلة إعلامية أو في مكتب مسؤول أو جهة رقابية أو وصائية أو … ويكون الدافع أو السبب هو إعفاء الموظف من عمل أو مهمة ما لأسباب موضوعية، والسؤال: أين كان هذا الموظف قبل أن تتضرر مصلحته الشخصية ولماذا لم يقم بذلك سابقاً ولماذا كان يتستر على المدير إذا كان كلامه صحيحاً، ؟ أو أن يتهم مدير مدرسة كل المسؤولين لأنه أعفي من مدرسته، أو أن أصبح أنا كاتب هذه السطور هدفاً لكل الذين يشعرون الآن أن الكلام يستهدفهم لأن من لا يفعل ذلك لا يمكن أن يتحسس من هذا الكلام، فالذين يمارسون الفساد وحدهم يتضايقون من قراءة أي كلام عن الفساد، والذين يعانون من ضعف في تحمل المسؤولية لا يعجبهم الحديث عن الترهل والضعف في الأداء .
ولذلك كله يبقى السؤال: لماذا لا تكون هناك ضوابط وشروط وقواعد واضحة ومعلنة لقبول النقد واستقبال الملفات أو أي معلومة كي لا يصبح التشهير والتلفيق مباحاً ولا يدفع أصحابه أي ثمن حتى بعد التأكد من عدم صحة المعلومات .
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 28 – 1 – 2020
رقم العدد : 17179