إدلب بين الرد واستراتيجية التحرير

 

 

الكثيرون يسألون ماذا عن إدلب، ولماذا تأخر حسم عودتها إلى حضن الوطن، خصوصاً بعد الاعتداءات المؤسفة الأخيرة حيث اخترق الارهابيون – وطبعاً بغطاء تركي – قواعد الاشتباك في مناطق الهدنة، وهذا لن يمر دون رد موجع للجيش العربي السوري، و روسيا التي كانت قد اخذت ضمانات من تركيا بأن لا يتم التلاعب بالاتفاق المبرم بينهما والذي التزمت به سورية، مع انها جاهزة للبدء بعملية التحرير الشامل، لكنها آثرت اتباع سياسة القضم المتدرج والسيطرة الكاملة على المناطق التي تحررها، حرصاً منها على عدم ايقاع خسائر في صفوف المدنيين الذين يتخذهم الإرهابيون دروعاً بشرية للبقاء قدر الامكان في إدلب وما تبقى لهم من ريفها، ومن خلال تجارب سورية مع تركيا فإن من الطبيعي أن تضع مثل هذا التطور( الاختراق) تحت الحسبان، لكن هذه المرة كانت الخسائر الفادحة أكبر من المتوقع ولا يمكن أن يمر من دون عقاب موجع.
ان مثل هذا العدوان من حيث حجمه إما إنه يعني إن الإرهابيين تفلتوا من السيطرة التركية وانقلبوا عليها بعد أن أدركوا إنهم مجرد لعبة مآلها إلى الزوال والتضحية بهم تبعاً لمصالحها ظناً منهم بأنها أنهت الاستثمار فيهم وخصوصاً بعد ان بدأت تركيا إرسال المئات منهم إلى ليبيا ومنهم سوريون، وهذا مستبعد نظراً للارتباط العضوي بين الأتراك والإرهابيين وخصوصاً النصرة للبقاء في الارض السورية ليس كمحتل مباشر وإنما كلاعب دائم، وإما أن تركيا كعادتها نقضت الاتفاق مع روسيا وعادت الى التلاعب إثر مستجدات لا يمكن ان تكون أميركا بعيدة عنها رغم أنها تتهيأ للخروج ظاهرياً من المنطقة إلا بعد إتمام مشروع (صفقة القرن )الذي سيستغرق وقتاً طويلاً .
ثم أنها وكما عادتها ايضاً لا تريد ان تخرج خالية الوفاض من ناحية ، ولا تريد ان تتخلى عن هذا المشروع ، لأن خروجها المذل الذي سيبدأ من العراق تحت ضغط المقاومة المليونية التي انطلقت الجمعة الماضية وتحالف الشعب العراقي مع الحكومة ، وبالتالي فإن وجودها في سورية يصبح لا معنى له .
في كل الاحوال فإن الرد السوري ليس على العدوان فقط كعمل جزئي، بل ضمن العملية الكاملة للتحرير الشامل الذي حددته القيادة السورية في اطار تحرير كامل التراب السوري من اي محتل مؤقت او دائم .
مخطىء من يظن رغم المستجدات الاقليمية وتغيير المعادلات ان تركيا سوف تنكفىء وتلجأ إلى المفاوضات على الأقل في المدى المنظور، مع أن هذا ليس مستبعداً في المدى الأبعد عندما ترى أنها بدأت تفقد أوراق اللعبة.
إن القرار الإستراتيجي السوري يتمثل بإنجاز التحرير الشامل ضمن خطة عملانية تقوم على ربط المناطق المحرّرة حديثاً واهمها معرة النعمان بالمناطق التي سبق تطهيرها، أما الثاني فيتمثل بتوجيه ضربات نارية عقابية وتدميرية لقواعد المسلحين .وثالثآ عدم إعطاء الوقت لتركيا التي لن تتخلى ببساطة عن أسلوبها وتلاعبها .
وان غداً لناظره قريب

 

د. عبد الحميد دشتي

التاريخ: الثلاثاء 28 – 1 – 2020
رقم العدد : 17179

 

آخر الأخبار
بين إدارة الموارد المائية والري "الذكي".. ماذا عن "حصاد المياه" وتغيير المحاصيل؟ شراكة صناعية - نرويجية لتأهيل الشباب ودعم فرص العمل تطوير المناهج التربوية ضرورة نحو مستقبل تعليميٍّ مستدام لجنة التحقيق في أحداث الساحل تباشر عملها بمحاكمات علنية أمام الجمهور ٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة