قراءة… أعـــلام في اللغـــــة والأدب والشــــعر

كثيرة هي الدراسات التي تقدم قراءات في ملامح التجربة الإبداعية لكثير من الشعراء والكتاب والمفكرين, من هذه الدراسات كتاب «بحوث في اللغة والأدب والرجال» الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب للكاتب الدكتور محمد عبدالله قاسم, الذي يضيء على مجموعة من أعلام الفكر والثقافة والأدب منها: بحث عن اللغة الشعرية عند بدوي الجبل, ومصادرها, وموقفه من الشعر الجديد وعن تجربته الشعرية قال بشارة الخوري: «إن الشعراء في سورية كأصابع الكف الواحدة عدداً وحجماً وبدوي الجبل إحدى هذه الأصابع, في نفسه شاعران إذا انتصر أحدهما للقديم اعترضه نصير الجديد, فما خرجت القصيدة من نفسه إلا وعليها طابع الشاعرين».
وبحث آخر عن المعلم الثاني أبو نصر الفارابي: الذي ترك للمكتبة العربية وللفكر الإنساني تراثاً ضخماً يربو على مئة كتاب انتهى إلينا بعضها, ونال بعض منها حظه من النشر والتحقيق, ورقد بعض منها في خزائن مكتبات العالم يكسوه غبار الزمن وتجسم علية يد النسيان, وأكثر تراثه عدت عليه العوادي, وطواه الدهر فيما طوى من ذخائر.
وهي آثار منبئة عن مشاركته في علوم شتى: الفلسفة, والمنطق, وعلم الطبيعة, وما بعد الطبيعة, وعلم الموسيقا, والسياسة, والأخلاق, والخطابة, والشعر, والرياضيات, والكيمياء.
للفارابي معرفة بالعربية والتركية والفارسية واليونانية, وله نثر فني بديع, وشعر رقيق مستجاد وإن غلب عليه ثقل العقل أحياناً.
وتضمن الكتاب بحثاً عن الملاحظات العامة على لغة (عمر) النص الشعرية, الذي يملك لغة سمحة دفاقة مطواعة فيها جدة وأصالة شحنت بدلالات الألم والوحشة والعالم الشعري الموار بالأحلام الطافح بالرؤى, إنها لغة نابضة بالمجازات التي تشي باندماج الشاعر بكل مفردات الكون: الليل والشجر والسراب والماء والحلم, لقد اجتلب إلى شعره كل ما يتناغم مع طغيان الوحشة والغربة التي تعصف بروحه,ليس له رصيف يصغي إليه, ولا نديم يعي شجنه وألمه, إنها غربة شعر بها بشار والمتنبي وأبو سليمان الخطابي.
وتوقف الكاتب مطولاً عند التجربة الشعرية للشاعرة فتاة غسان (فاطمة سليمان الأحمد) التي تنحدر من أسرة يصدر الشعر عنها كما يصدر العطر من الورد, ويطاوعها القول كما يطاوع النسيم الأنف.
وفاطمة واحدة من أولئك الذين بسط الله لهم في البيان بسطا, وأجزل لها رزقا من القول الدفاق والكلام البليغ, ودمث لها درب الشعر, ووطأ لها الأكناف, فجاء شعرها سلساً عذباً أنيساً يحدث ما يشبه السحر في شغاف القلب, وما جبلت عليه الشاعرة فاطمة من سمو في الروح, وعلو في الهمة, ورفعة في النزعة الانسانية, وغيرية تفنيها لينهض من حولها, وما اجتمع لها من مخزون وافر من الشعر العربي القديم الذي كان أساطينه ماثلين في مخيلتها لحظة ما يقتدح الشعر زناده يريد الخروج من النور إلى النور, وما ورثته من موهبة الشعر من أبيها ظهر في شعرها وتحول أريجا يتضوع سحره في الزمان, آلمها الواقع المزري للمرأة العربية, فدعت إلى تخليص المرأة من براثن التخلف وأنياب الجهل, وينبغي أن تخرج إلى الحياة لتشارك في بنيانها, لا أن تظل حبيسة الجدران, حيث التقت في هذه الدعوة مع دعوة شاعر النيل حافظ إبراهيم.
هذا الكتاب يضيء على جوانب متعددة لاعلام في الشعر والثقافة والفكر, حيث يقدم جرعة طيبة المذاق لكل المهتمين والمولعين في الشعر والفكر والمعرفة, فالكاتب الدكتور محمد عبدالله قاسم بذل جهداً كبيراً في البحث والتنقيب للوصول إلى هذه الورود العطرة ونشر شذاها للمتابعين والقراء.
علاء الدين محمد

 

التاريخ: الجمعة 21 – 2 – 2020
رقم العدد : 17198

 

آخر الأخبار
توزيع ألبسة شتوية على مهجري السويداء في جمرين وغصم بدرعا   زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب"