ثورة أون لاين – لجينة سلامة :
مع الحرب صار للمسميات التي اعتدنا على التفوه بها معان ذات صدى عميق وإن حافظت على الدلائل ذاتها …وصار للأمكنة وقع مختلف وذكرى حائرة وإن ظلت على حالها وحيث هي، حجرا أو مجبولا إسمنتيا.كما صار للأسماء أيضا أثر مختلف عند النفوس وقد استنزفتها الحرب.. مع الحرب كثرت على الألسنة أسئلة بصيغة واحدة:ماذا يعني أن تكون الوطن وكيف تكون الوطنية؟ مع الحرب وبعيدا عن أي موضوعات تعبير أو شعارات أو مسمَيات ومصطلحات , بات للوطن مسمى واحد هو الجيش:الوطن والشرف والإخلاص.الجيش الذي استبسل حفاظا على قدسية التراب والشرف الذي صانه من قدم الروح رخيصة كرمى عيون أبنائه والإخلاص لمن حافظوا على كرامتهم فحافظوا على كرامة الوطن بأخلاقهم ونبلهم.الوطن هو الجندي الشريف والمعلم الوطني والطبيب الإنسان والمهندس البنَاء والتقني المبدع والابن البار. لم نسأل أنفسنا ذات يوم ماذا يعني الوطن ونحن الذين إذا ما سمعنا النشيد الوطني امتلأت العيون دمعاً، وكذلك عندما نرى أجنحة العلم السوري مرفرفة على أكتاف بطل رياضي سوري أو مخترع وطني في بلاد الغرب.لقد اعتدنا أن نرى العلم الوطني يزين ساحات المدارس والجامعات والدوائر الحكومية ومداخل المدن.كما نشأنا على أن يفتتح التلفزيون السوري برامجه بالعلم السوري، وألوانه تنبئ أن أيام النصر المبين قادمة لا محالة.لقد اعتدنا وتعوَدنا لكننا لم نسأل أنفسنا ذات مرة إذا ما كان ذلك هو ما يطلق عليه مصطلح الوطنية…! لم يرد هذا التساؤل على البال إلا عندما رمت الحرب بأثقالها على كاهل أبناء البلد وحينها كثرت الأسئلة وتعددت وأخذت منا الكثير من المواقف والأوقات والكثير من الدماء حتى استطعنا أن نلخص الوطن بكلمة, الوطن هو أنت وبك ومنك تبدأ الإجابة. قد تسمع النشيد الوطني بحناجر براعم الطفولة والشباب المتقد متسائلا كيف يرددونه والوطن جريح فيقشعر البدن فخرا. وقد تبادر إلى الذهن صورة الجندي السوري بكامل هندامه مزنراً يده بسلاح الشرف.قد تقرأ مقالا أو تسمع أغنية وطنية فتدمع عيناك لصورة شهيد أو دمعة يتيم أو أم متلهفة لاحتضان ابنها فيتجسد لك الوطن بمعان لا يلمُ بها قلم… لم يغلق باب مدرسة ولا جامعة ولم يتأخر معلم عن صفه ولم يتوان موظف عن متابعة عمله.فكانوا جميعهم مثلهم مثل الجندي حارسا للأمانة رغم الصعاب والتحدي في أسوأ الظروف.لقد كانوا جميعهم مثل المعلم والصناعي والحرفي والفران وعامل النظافة..أشخاص نبلاء يجسدون حب الوطن فعلاً وقولاً.فالمحبة كانت الدافع لممارسة أعمالهم والقيام بواجبهم خدمة وحرصا على البلد الذي لا يعني لهم فقط الحدود والحجر والبشر والشجر، إنما الانتماء والشرف والوفاء. الوطن هم أبناء البلد الذين ينشؤون على أن الوطن هو العائلة الأساس وهو الجندي الذي يتدرب على حمل السلاح برباطة جأش ومقارعة عدوه بصلابة وإيمان وهو المعلم الذي يدرس تلامذته بمحبة لينسج منها حكاية لبلد لا يفيده إلا علم نافع وقلب صادق وخلق نبيل وشرف مصان وفيه يعيش أبناؤه الحياة بكرامة.