لمعت منذ ستينيات القرن الماضي كنجمة بارزة في عالم الصحافة والأدب إنها ابنة أحد الأحياء الدمشقية المعتقة بعبق الياسمين والتي لم تعرف حدودا للتعبير عن حرية المرأة والانعتاق من المجتمع المغلق لتصل بمنطقها الفكري وبيانها الفصيح لمختلف الأوجه الإنسانية والاجتماعية والفلسفية في الحياة.
بكلماته الرقيقة تلك دعا مجمع أورنينا للثقافة والفنون إلى ندوة حوارية شاركت فيها الدكتورة رشا العلي والشاعرتان رولا الحسن وحنان رستم والأديبة حنان كدر حيث تحدثن عن أدب غادة السمان وبأنها اسم يختصر رحلة طويلة وخالدة في بحور الأدب والرواية وسط جمهور نوعي من المهتمين والأدباء والمخرجين والكتاب في صالة سامي الدروبي بدار الثقافة بحمص.
بدأت الشاعرة رولا الحسن حديثها بأن غادة السمان امرأة بقامة وطن طرقت باب التحديث في الرواية السورية مع أوائل الروائيات إلى جانب حبيب نعنع ونوال نويلاتي وأخريات حيث نقلوا الرواية من العبر والعظات إلى التجريب والتحديث منوهة بأنها شظت الزمن وجعلته متقطعاً من دون زمن في رواياتها ولا يوجد هناك شخصية محورية بل جميع الشخصيات لديها يشكلون أبطالاً فيها طارحة مثالين من رواياتها أولها: «بيروت 75» والرواية تتناول حال لبنان قبل الحرب الأهلية والمثال الآخر عن رواية «كوابيس بيروت» لافتة بأنها لجأت لتحرير الذات وعملت عليه سواء أكان على مستوى الكتابة أو الأشخاص وأظهرت قدرتها على خلق شخصيات خلقاً جمالياً عن طريق مزج المنولوج الداخلي لها وبأنه أدب مبدع ويصلح لكل زمان ومكان فكانت رقيقة إلى حد النسمة حين تتحدث عن الحرب وتطرح أدباً قوياً بامتياز حين تظهر صورة المرأة.
بينما تكلمت الشاعرة حنان رستم عن التمرد لدى نصوص الأديبة ووجوده لديها نجده جاهزاً دون مواربة بأقوالها وأشعارها فقد تمردت على الحب والحياة والعادات والتقاليد والمعتقدات والزواج والروتين واستشهدت رستم ببعض أقوالها الموجودة في رواياتها وبأقوالها العامة مبرزة ظاهرة التمرد عندها فقالت: «أريد أن أدخل في فضائك لا في قفصك الذهبي».
أما الأديبة نهلة كدر فقد رأت بأن الروائية تفردت في إصرارها على حياة البطلة «زين» فهي لم تلجأ للانتحار كما فعلت «صبرية» بطلة رواية «دمشق يا بسمة الحزن» للأديبة إلفت الإدلبي بعد أن فقدت الأب والأم والأخ والحبيب بل بقيت شخصيتها ثابتة منوهة بأن ما ميّز أدب السمان هو الأنثى فأرادت أن تخاطب المرأة وكأنها تقول لها اصمدي تابعي مستقبلك ونهجت خطاً عاماً في معظم رواياتها حيث اعتمدت على ثقافة التمرد والبعد الفلسفي رافضة ثقافة القطيع والانطلاق للحياة وحاولت أن تعيش الحياة وفق إيقاعها وقيمها الخاصين بها وجعلت كل النساء يتمردن ويعملن ليؤكدن بأن المرأة إنسانة لها وجودهاو قوتها في نهاية المطاف.
وأنهت الدكتورة رشا العلي حديثها باستفاضة عن أدب السمان حيث أكدت بأنها شكلت فسيفساء دمشقية في السياق الثقافي والاجتماعي ودخول منطقة السيرة الذاتية تكشف أبعد من ذات الكاتبة عندما تقرع باب سيرتها وتعطيها بعداً اجتماعياً وشاهداً على الأسرة والعائلة والزواج.
رفاه الدروبي
التاريخ: الجمعة 13-3-2020
الرقم: 17216