يؤكد العلم أن أي ظاهرة في هذا الوجود سلبية كانت أم إيجابية إنما تتأكد من خلال وجود عوامل ثلاثة فيها ، عامل الجذور وعامل التفاعل والمعايشة فيها وعامل تقدير مخاطرها واستثمار نتائجها لصالح الإنسان.
وهنا يمكن لنا أن نضبط حالة العدوان والإرهاب على هذه القواعد تماماً كما يتوجب علينا أن نضبط حالة وباء الكورونا، ومصير البشر واحد في حقيقته والتعديات عليه متعددة ومختلفة ومتناقضة ، ونحن الآن بصدد التقاط الكثير من المعالم في ظاهرة الإرهاب والاحتلال بما يحدث على سورية وفيها ، ذلك أن القائمة التي تشتمل على أدوات العدوان والقتل هي معروفة ومكشوفة ومحددة ولاسيما في منحى دور الغرب والصهيونية ودور أنظمة سياسية مثل تركيا والرجعيات العربية في الخليج وكذلك هذه الأدوات والأذرع الإرهابية والتي يقع جذرها في نقل مسيرة الموت والتدمير إلى الوجود المادي والتاريخي في أي منطقة مستهدفة.
وهنا لن ننسى أو نتناسى دور ومهام العملاء والساقطين من أبناء الوطن السوري وقد وصل بهم الإلحاد وعامل الخيانة إلى مرحلة بيع الوطن وسفك دم المواطن مقابل أجر بخس وتحت إضفاءات العوامل الثقافية الإسلاماوية والاجتماعية المدعاة زوراً ويهتاناً ونعود إلى قصة العوامل المؤسسة لهذه الهلمة العدوانية ولاسيما في منحى جوهرها وطبيعتها لنكتشف مباشرة أن هناك نسقاً خطيراً من الجذور المؤسسة للحرب والقتل والحاملة لهذا الفيروس الذي يختبىء تحت سيطرة الوعي والقوة ويندفع بلا تردد في زمن الخور العربي وانتشار الجهل والفوضى وامتداد الاستغلال في المجتمع الواحد، ونحن نؤسس على القاعدة التي تقول لاشيء ينطلق من الفراغ ويصب في الفراغ.
إن العدوان العسكري والسياسي والاقتصادي عند أميركا الامبريالية وعند تركيا العدوة للعرب والإسلام وعند الأنظمة السياسية الرجعية، هذه الخاصية متجذرة في هذه المناطق السياسية والاجتماعية حتى وهي مهزومة ومنبوذة كما في النموذج التركي، إنما تتحين الفرص وتنقض على عدوهم المفتعل هو العرب وقضايا العرب ولا يوقف زحف هذه السادية المقيتة في الاعتداء وازع ديني أو اعتبارات إنسانية أو خواطر الجيرة والجوار ولا يحد من شبق القتل عند هؤلاء، عهد أعلنوه أو ميثاق وقعوه أو خطر قادم على خطى اختيار العدوان وسفك الدم في المستقبل القريب والبعيد.
إن جاذبية الوحدة العضوية فيما بين مكونات القتل والتدمير ضد سورية هي نقطة الجذب والإغراء وهي المعيار الذي يتوحدون عليه جميعاً حيث يحسبهم الناس موحدين وهم مشتتون في الأطماع والأحقاد والمكاسب المزعومة.
لذا كان لابد من إذكاء روح العداء للوطن السوري ليتحول هذا المعنى مساراً للوحدة لهم جميعاً من الجذور تحت الأرض وتحت الزمن إلى الفروع والأهداف المشتركة وإغراءات الحقد والاستمتاع بالتدمير وقطع الأوصال وتعطيل مؤسسات الحياة ولا يوجد أي مبرر أو ضرورة للتفريق بين القوى المعادية لسورية دولاً كانت أم تنظيمات إرهابية.
أسلحة قتل كانت أم عوامل ثقافية ودينية وسياسية إن هذه القوى تنجز فيما بينها عامل الوحدة على نشر الموت والدمار في سورية وما يظهر بين قوى وفروع الإرهاب والاحتلال وإن طغا على السطح وإن اصطنع أشكالاً حارة وحادة، فإن ذلك هو من أصول الصنعة الاستعمارية الإرهابية وهو المنهج اللازم لتمرير وتبرير مواكب القتل والنهب والدمار في الوطن السوري، وهذا ما يظهر مباشرة عند اللحظات الحرجة في الصراع كما هي اللحظة الراهنة التي يمر بها وطننا الغالي.
إن عوامل الانقسام فيما بين القوى المعادية هي التي تتشكل وتستطرد بعواملها إلى هدف التقسيم للوطن السوري وتبقى مسألة الجذور المؤسسة والبيئات الحاملة لسموم هذه الجذور هي العامل الذي لابد من اعتماده في تفسير مايجري الآن من الجذور إلى أنماط السلوك المكشوفة ومن الماضي المشحون بوقائعه ومراراته إلى اللحظة الراهنة ذهاباً إلى المستقبل القادم على ذات الحامل السياسي والعسكري. وحينما يتوجه الإعلام والإعلاميون إلى مطاردة الوقائع الضالة والمضللة في مسعى مصطنع لإظهار نمط المتابعة باللهاث حول اجتماع هنا وهناك وتصريح متقافز من هذا المسؤول المعادي أو ذاك، إنما يكون التشويه قد حصل بطريقة التستر على الحقائق من جذورها إلى اعتماد الجمل المجزوءة التي يتقنها الغرب في التصميم كما في الاستثمار، وهذا ما يؤدي بدون قصد إلى صرف الرأي العام الوطني عن الحقائق الكبرى.
د. أحمد الحاج علي
التاريخ: الاثنين 16-3-2020
الرقم: 17217