فاتن أحمد دعبول- ثورة أون لاين:
ربما لم يعد الوقت متاحا لإلقاء التهم وتبادل مفاهيم المؤامرة بعد أن بدأ شبح المرض يراودنا حتى في أحلامنا لكثرة ماأشيع من نبوءات عن أخطاره ونهاياته المحتومة بالموت كما أفادت به وسائل إعلامهم عن دول تحولت إلى عالم من الأشباح، خاوية شوارعها ومدنها إلا من طاقم طبي أو سيارات تقل الضحايا إلى مثواهم الأخير.
ولكن هذه الفورة الإعلامية المتشحة بالمزيد من النظريات والتحليلات لابد أن ترفع الصوت عاليا باتجاه النخب الثقافية لرفع الوعي بأهمية التعاطي مع مجريات تطور انتشار هذا الوباء بجدية، واتباع التعليمات الطبية الصادرة عن مواقع رسمية بعيدا عما يحاول البعض تداوله بشكل عشوائي دون مرجعية مسؤولة، مايثير القلق والرعب بين أفراد المجتمع، ويزيد الأمر سوءاً ويدخلهم في صراعات نفسية واضطرابات لاتحمد عقباها.
ولايختلف اثنان ماللمثقف من دور في مواجهة وتحصين المجتمع من اختراقات وظواهر يمكن لها أن تفتك بأبنائه، وهو بلا شك بدوره هذا يقف إلى جانب الجهود الحكومية التي لم تأل جهدا في تقديم كل مابوسعه الحد من انتشار الوباء الزاحف إلينا عبر الحدود، فيكون كالمصباح الذي يضيء دروب الوعي والتبصر بإبداعاته المختلفة من” قصائد، لوحات فنية، مقالات ذات صلة ..”
وبين السخرية السوداء التي وسمت شبكات التواصل الاجتماعي، وبين اللامبالاة بما تحمله هذه الظاهرة الوبائية، تبقى اليقظة والوعي سيدا الموقف، ويتطلب تلاحما وتعاونا للتصدي للوافد الوبائي بتطبيق ماتمليه علينا قواعد السلامة والصحة، ولنا في صورة الكعبة المشرفة الخاوية من طائفيها، وكذا ساحة سان بيير في الفاتيكان أنموذجا حيا لخطورة مايمر به العالم من أخطار تدق أبوابه وتتسلل إلى أفراده، ويبدو أننا جميعنا على ظهر السفينة نفسها.
فإن كانت المسؤولية تقع في الدرجة الأولى على الطاقم الطبي والمؤسسات الصحية، فعلى المثقف أن يرسم صورة تحذيرية لما يجري ويقدم رؤية واضحة لأخطار ذاك الوباء ويقترح بالتالي طرقا مفيدة للحد من آثارها وتقديم الأنموذج الأمثل في الاقتداء بالتعليمات الصادرة عن الوزارة المعنية بعيدا عن الإشاعات، والتحلي بروح المسؤولية، مايعكس دوره الفاعل تجاه مجتمعه وأبناء جلدته.
التالي