ثورة أون لاين:
يساهم الخوف غير المنطقي والشامل من جائحة فيروس كورونا في زيادة عدد ضحاياه، وأحيانا أسرع من المرض بحد ذاته.
ومؤخرا، انضمت ممرضة إيطالية إلى حالات الانتحار المتزايدة، التي يسببها الفزع من فيروس كورونا.
وأصيبت دانيلا تريزي، التي تعمل في العناية المركزة في مستشفى سان جيراردو في منطقة لومباردي الإيطالية، إصابة شديدة بفيروس كورونا في وقت سابق من هذا الشهر، وقتلت نفسها نتيجة ذلك. وقالت الفدرالية الوطنية للممرضات في إيطاليا في بيان صادر، بعد تأكيد وفاتها، إنها شعرت بالرعب من احتمال إصابتها لبعض الأشخاص الذين كانت تحاول جاهدة أن تساعدهم.
ليس من الصعب أن نتخيل كيف يمكن للعزلة المفاجئة والممتدة للحجر الصحي، خاصة بعد التحولات القاسية الطويلة لرعاية المرضى، أن تغذي دورة سامة من الذنب والاتهام. وحتى الأفراد الأكثر صحة نفسيا بيننا يمكن أن يعانوا بسرعة من العزلة. وهناك سبب وجيه يمنع العالم من تطبيق الحبس الانفرادي في بعض السجون، لأسباب إنسانية.
ولم تكن تريزي أول ممرضة إيطالية تقتل نفسها خوفا من انتشار الوباء، حيث أقرت مجموعة الممرضات في بيان صادر بأن “حلقة مماثلة [من الانتحار] حدثت قبل أسبوع في البندقية، للأسباب الكامنة نفسها”. ووفقا لمؤسسة Gimbe، التي تقدر أن 5760 مهنيا طبيا ثبتت إصابتهم بالمرض حتى يوم الثلاثاء الفائت، فإن زهاء 8% من حالات الإصابة بفيروس كورونا في إيطاليا هم من العاملين في المجال الطبي.
وإذا كانت المخاوف المحيطة بالفيروس تدفع العاملين في المجال الطبي إلى الانتحار، فإن المرء يتوقع أن يرى الأشخاص العاديين يشعرون بالخوف حتى الموت أيضا. وتوفيت شابة بريطانية مصابة بالتوحد، بعد أيام فقط من محاولتها الانتحار بدافع الإصابة بفيروس كورونا، التي تركتها في حالة حرجة.
لم يكن بالا كريشنا، وهو هندي عمره 50 عاما، مصابا بفيروس كورونا، عندما شنق نفسه الشهر الماضي بعد أن عانى من أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا – لكنه اعتقد أنه أصيب بها. واقتناعا منه بأنه مصاب بالمرض بعد أن أرسله الأطباء في عيادة مجاورة إلى المنزل بتشخيص الحمى الفيروسية، قام كريشنا بتطبيق الحجر الصحي على نفسه في غرفته، ووقع في فخ الاكتئاب بعد مشاهدة مقاطع فيديو حول فيروس كورونا.
وفي حين أن كريشنا كان لديه تمييز مريب في كونه أول انتحار بسبب فيروس كورونا، منذ أن تصدر الوباء عناوين الأخبار في ووهان في ديسمبر، لا توجد طريقة لمعرفة عدد الأشخاص الآخرين الذين أدرجوا الوباء المنتشر، عند التفكير في قرار إنهاء حياتهم.
وبحسبما ورد، زادت المكالمات إلى الخط الساخن الوطني لمنع الانتحار في الولايات المتحدة (Hotline)، بنسبة 300%، حيث تجبر وحدات الحجر الصحي التي تفرضها الحكومة الأشخاص على العزلة، في حين أفاد موقع Crisis Text Line أنه أجرى ضعف عدد جلسات المشورة كالمعتاد خلال الأسبوع السابق.
ويبدو أن النصيحة لدرء العزلة من خلال الدردشة عبر الهاتف أو الإنترنت مع الأحباء، لا تسد الفجوة كثيرا. فالبشر مخلوقات اجتماعية، ولا يمكن بالضرورة معالجة ضغوط فقدان الوظائف والمخاوف المالية عن طريق الدردشة مع الأهل والأصحاب.
ويمكن القول إنه لا شك بأن “المسافات الاجتماعية” أنقذت بعض الأرواح، لكنها قد تنهي حياة البعض الآخر. ولكن للأسف الوضع الراهن لانتشار جائحة فيروس كورونا حول العالم، تفرض على الجميع اتباع الإرشادات الحكومية، لدرء تفاقم الوضع وحصاد المرض لأرواح أكثر.