ثورة أون لاين:
بين سندان الفقر والجوع و مطرقة الحرب التي هجّرت وقتلت ودمرت الكثير من الأرواح والممتلكات، وبين مستقبل مجهول يقبع هناك على الأزقة والأرصفة سكان الشوارع الذين نكاد أحيانا لا ننتبه لوجودهم بسبب مشاغلنا الكثيرة و التزاماتنا اليومية
منزلهم الرّصيف و فراشهم بعض الجرائد و الصناديق الكرتونية، تحنو عليهم يد الخير فتطالهم أحيانا ببضع ليرات سورية أو رغيف خبز يمدهم بالحياة ليوم بائس جديد ..
“أعيش هنا .. لا مكان أذهب إليه فقد تخلى عني الجميع ولم يسأل بي أحد .. واقع يوجع الروح وعيون الناس تكاد لا تراني ” بهذه العبارات بدأ أبو محمد الرجل الستيني حديثه لــ “جريدة الثورة السورية ” مضيفا :”أغلب النظرات رغم قساوتها تلومني على وجودي هنا .. وأنا أصبحت أتحاشاها فقد خسرت منذ سنوات منزلي وعائلتي بسبب المجموعات المسلحة التي لم توفر الأرواح ولا الحجر .. وقصدت دمشق لا أملك غير رحمة ربي”.
يسند ظهره على خزانة خاصّة بالهواتف الأرضية موضوعة على الرصيف ويشد يده على كيس من البلاستك وضع به القليل من الملابس وأغراض شخصية :”أسمع أحاديث الناس بشكل مستمر .. يمر من هنا المئات بحركة متواصلة لا تنقطع .. كل واحد منهم لديه هم يكفيه”
يخرج من جيب بنطاله المتسخ قطعة قماش قديمة يمسح بها وجهه ليخفي عنا دموعه ويكمل :”الشوارع باردة ليلا وأصبحت كمدينة أشباح بسبب الحظر المسائي .. لا أملك بيت لأبقى به وأحمي نفسي ومن حولي من المرض لذا أختبئ هنا وهناك عن أعين الشرطة .. لا أريد الذهاب إلى السجن فأنا لم أفعل شيئا سيئا “.
حال أبو محمد هو حال الكثيرين في شوارع البلاد .. التي لا تكاد تخلو من أطفال التسول وكبار السن المشردين .. الأكثر عرضه لالتقاط الأمراض والجراثيم و الخطر الأكبر اليوم هو فيروس كورونا المستجد التي تحاول الحكومة السورية جاهدة السيطرة عليه ومنع انتشاره ..
هذا وكانت قد أكدت وزارة الداخلية على كافة الوحدات الشرطية الالتزام بالتشدد وعدم التراخي في توقيف المتسولين والمتشردين وتنظيم الضبوط اللازمة بحقهم وايداعهم القضاء المختص وتسيير دوريات يومية لضبط المخالفين في المناطق التي تقع تحت اشرافهم وتسليم المتسولين والمتشردين إلى دور تشغيل المتسولين والمتشردين عن طريق مديريات الشؤون الاجتماعية والعمل في المحافظات وتقديم الدعم والمؤازرة اللازمة الفورية لموظفي مكاتب مكافحة التسول أثناء قيامهم بمهامهم لمكافحة هذه الظاهرة .
وقد عملت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل على تخصيص احد المباني التابعة لها في مدينة دمشق لاستقبال حالات التسول والتشرد التي ترصد في مدينة دمشق وريفها مخصص للنساء والأطفال وذلك بهدف تقديم الخدمات اللازمة من مكان قريب اضافة الى الخدمات المقدمة في مركزي قدسيا وباب مصلى ودار تشغيل المتسولين والمتشردين في الكسوة .