تحقيق – زهور رمضان
غالبا ما تختلف الأسعار بين الأرياف والمدن السورية فتجد أن سعر أي مادة في المدينة يختلف عن سعرها في الريف أو الضواحي، وفي الحقيقة قد ترى أن سعرها يختلف ضمن الضاحية الواحدة ومن محل إلى آخر. ومن جهة أخرى وفي السياق نفسه تنتشر اليوم ظاهرة حمل أكياس الخضراوات بكثرة، فغالبا ما نراها أو نصادفها في وسائل النقل العامة، حيث نشاهد رجلاً يحمل أكياساً من الخضار والفواكه والمواد الغذائية خلال عودته إلى منزله مساء أو بعد انتهاء عمله اليومي، وفي ذلك دلالة على وجود أسواق أو محلات تبيع الخضار والفواكة بأسعار أقل من الأسعار الموجودة في الحي الذي يقطنه.وقد نلاحظ خلال رحلة السفر من المدينة إلى الأرياف والقرى ضمن وسائل النقل العامة، رجالاً أو نساءً يحملون عبوات من زيت الزيتون (16) ليتراً، أو أكياساً من المونة كالبرغل المجروش، والكشك، أو أكياس الملوخية.. في هذا التحقيق نعرض حالات متعددة، مع ذكر أسبابها ونتائجها.
الاختلاف في السعر
أبو ابراهيم، الذي يمسح عن جبينه عرق التعب وإرهاق السنين يشتري الخضار والفواكه من شارع الثورة لأنه يعتبره سوق الفقراء، ويجد فيه ضالته، فهناك يمكنه توفير مبلغ مالي جيد في كل مادة، (يصل إلى آلاف الليرات).ويتابع أبو ابراهيم: “أنا أقطن في الريف وأسعار الخضار لدينا مرتفعة، فالأفضل شراؤها من الأسواق الشعبية.
أم محمود (أرملة)، تعمل في شركة خاصة بدمشق، تحمل أكياس الفواكه وتضعها في صندوق سيارتها، تؤكد ارتفاع أسعار الفواكه في ضاحية قدسيا التي تقطنها، ولديها عائلة، وهي تضطر يومياً لشراء ماتيسر من الخضار والفاكهة من المدينة لتخفف عن كاهلها عبء ارتفاع أسعارها في الضاحية، ولا تنسى أم محمود أن تشتكي من أن أطفالها يحبون أن يشتروا البسكويت وغيره بأنفسهم، وأن ما توفره بشراء الخضار والفواكه من الأسواق الشعبية يصرفه الأطفال دون معرفة بغلاء المعيشة.
الأسواق الشعبية
السيد “م . ص” يرغب دائماً بشراء اللبنة والجبنة والبيض والمواد الغذائية الأخرى من الأسواق الشعبية، لأن أسعارها أرخص بكثير، ويشرح الأمر بقوله: قد أشتري بمبلغ 100 ألف ليرة، على سبيل المثال، ما أحتاجه من الأسواق الشعبية، ولكنني قد أدفع 150 ألف ليرة للكمية ذاتها في حال اشتريتها من أسواق الريف والضواحي. وهذا الأمر يوفر عليّ تأمين لقمة العيش لأبنائي.
أبو “حسين”، صاحب محل خضار في إحدى ضواحي العاصمة، تحدث عن قلة البيع في محلّه، حتى إن بعض جيرانه عزفوا عن الشراء من محله، وأنه ترده شكاوى من المواطنين حول سبب ارتفاع أسعاره؟ فيبرر ذلك بقوله: إنه بسبب ارتفاع إيجار المحل (مليوني ليرة)، ناهيك عن أجرة سيارات نقل الخضار المرتفعة ( 150 ألف ليرة أجرة النقلة يومياً)، بالإضافة إلى أن الخضار التي تبيت لديه لا يمكن أن تباع في اليوم التالي بنفس الأسعار، مما يضطره لتخفيض أسعارها لكي لا يخسر ثمنها بالكامل.هذا الأمر وغيره يطرح تساؤلات من قبل المواطنين وأجوبة الباعة، غالباً: (ما عم توفي معنا).وغالبا هذا الكلام غير دقيق ، إذ لا يمكن أن نتخيل أن كل الباعة يخسرون، وفي الوقت نفسه تراهم مستمرين في تجارتهم بأعمال البيع والشراء.
نقل وسمسرة
“غياث م” صاحب محل مواد غذائية يقول إن سعر “بيدون” زيت الزيتون (16 كلغ) في العاصمة يصل إلى 750 ألف ليرة ويمكن أن يباع بـ 800 ألف بينما لا يتعدى سعره في الأرياف 550 ألفاً. وحول السبب في اختلاف سعره والفرق الكبير في السعر يقول “آدم س”، صاحب سيارة نقل، خط مصياف – دمشق إن تكلفة نقل البيدون تصل إلى 50 ألف ليرة، والبعض يطلب 100 ألف ليرة، و100 ألف ربح للشخص الذي أحضره، وقد يختلف مقدار الربح بين شخص وآخر.نفس المشهد بالنسبة لأكياس الملوخية التي تباع في الأرياف بقيمة 40 إلى 50 ألف ليرة، ويصل سعرها في المدينة إلى ما بين 75 و 90 ألفاً، وارتفاع أسعارها كلها يعود لتكلفة شحن البضائع ونقلها واستغلال بعض التجار.
الشادر والسيارات الجوالة
“محمود أبو وطن”، الذي نصب شادراً وبنى خيمة ليبيع فيها خضرته، تجد أن أسعاره قريبة من أسعار المدينة، مع هامش ربح مقبول، يقول إنه لا يدفع أجرة محل فتأتي أسعاره قريبة من المدينة، بالإضافة لكونه يحضر صناديق الخضرة والفواكه على دراجته النارية.كما تنتشر ظاهرة السيارات الجوالة التي تبيع الخضار والفواكه وأسعارها منطقية نوعاً ما.
“محمد . ع”، صاحب سيارة هونداي لبيع المواد الغذائية والخضرة، يقول إنه يقضي نهاره متجولاً في الحارات والضواحي المحيطة بالعاصمة ليبيع خضرته والفواكه التي يحملها.ويوضح: إذا اشترى المواطن بالفلينة كاملة، فالسعر أرخص مما لو اشترى بالكيلو، بحيث يمكن لرب العيال شراء فلينة بندورة أو خيار كاملة، تكفيه مدة أسبوع أو خمسة أيام.ويتابع: رغم أن بيع الفلينة بسعر الجملة، لكن ليس بإمكان الجميع دفع ثمن فلينة كاملة.