فرض وباء كورونا على سكان الكرة الأرضية أسلوباً ونمطاً حياتياً جديداً, ومن هذه الأساليب العمل عن بعد, كإجراء احترازي لعدم تفشي هذا الوباء, وهناك العديد من الأعمال ذات الطابع النظري يمكن إنجازها عن بعد, كالتدريس والصحافة والإعلام, والمراسلات الوظيفية الإلكترونية, وحتى إدارة الاجتماعات عن بعد عبر الفيديو بالصوت والصورة, كما حدث في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن الذي جرى لأول مرة عن بعد.
وللعمل عن بعد فوائد ومزايا كثيرة, سواء لرب العمل أم للموظف, فالموظف يعمل في بيته بهدوء ودون ضغوط, ما يساعده على إنجاز المزيد من المهام, وبالتالي زيادة الإنتاجية, ويوفر الكثير من الأموال على الشركة من مواصلات وأثاث وكهرباء وماء, والاشتراك بالإنترنيت, والكثير من المتطلبات.
ولكن هناك أعمال لا يمكن القيام بها عن بعد, وهي الأعمال التي تتطلب مجهوداً بدنياً أو عضلياً, وهي أعمال تعيش عليها آلاف الأسر, كالمهن الخدمية, ومحال البيع ووسائل النقل العامة والخاصة, وأعمال البناء.. إلخ.
لذلك ونتيجة الحظر الحالي, وقع ضرر معيشي وحياتي كبير, على هذه الأسر وعلى من يعيلهم, لأن عمل هؤلاء هو يوم بيوم، ولا تمتلك هذه الأسر مدخرات, تستطيع من خلالها الصمود فترات طويلة أمام الحظر, لذلك يجب على الفريق الحكومي الذي يدير أزمة كورونا, دراسة واقع هذه الشريحة والضرر الذي وقع عليها, وبأسرع وقت ممكن, ومحاولة إيجاد طرق ووسائل, تسمح لها بكسب قوت يومها, إذا لم نكن قادرين على التعويض عليها خلال فترة التوقف هذه, فلا مانع من السماح لها بالعودة إلى أعمالها ضمن شرط ألا تؤدي عودتها إلى تفاقم الوضع وانتشار الوباء أكثر, كتقليص ساعات العمل على سبيل المثال لا الحصر, فالكوارث أو الأوبئة قد تستغرق وقتاً طويلاً قبل أن تزول آثارها, وإلا فسنجد أنفسنا أمام واقع اجتماعي وإنساني خطير.
يجب ألا تصل هذه الشريحة إلى قناعة أن الخطر المحدق بها ليس هذا الفيروس اللعين, بل عدم قدرتها على تأمين قوت أسرها.
عين المجتمع- ياسر حمزة