جديدُ الموت

د. ثائر زين الدين

كلما أحسستُ أنني شبعتُ من الشعر العربي القديم، وظننتُ أنْ لا جديد يُطالعني به فاجأني بما لم أتوقع!

قرأتُ اليوم بيتاً من الشعر جعلني أدهش… وأرتعش:

“لكلِّ جديدٍ لذّةٌ غيرَ أنني/

رأيتُ جديدَ الموتِ غير لذيذِ”.

البيتُ لشاعرٍ اسمه ضابئ بن الحارث البرجمي، من شعراء بني تميم، عاشَ أيام الخليفة عثمان بن عفان، وحبسه عثمان بسبب قصيدةٍ يقالُ إنه أفحشَ فيها القول بحق امرأة… ومات في الحبس…

بحثت عن قصيدةٍ ينتمي إليها هذا البيتُ فما وجدت، حزنت للحظة، ثم فرحت: ما الذي كان يمكن أن يضيفه الشاعر إلى هذا البيت؟ إنه بيتٌ بألف بيت، وقد صدقَ حدسي؛ هاهوذا الشاعر الحطيئة يذكره في وصيته الغريبة العجيبة وهو على فراش الموت؛ يقولُ له قومه:”يا أبا مليكة أوصِ..

فيقول: ويلٌ للشعرِ من راويةِ السوء..

قالوا: أوصِ رحمك الله يا حطيئة…(إلى أن يقول:)

أبلغوا أهل ضابئ أنه شاعرٌ حين يقول:

لكلِ جديدٍ لذّةٌ….”

إذاً فالحطيئة الشاعر الكبير سبقني إلى رأيي أو إحساسي بهذا البيت!

لكن ما الذي جعلني أشعر بذلك الشعور الذي وصفتُه حين قرأت البيت؟

إنه بيت شعرٍ عادي! ما من صورةٍ بيانية لافتة، والشعرُ تفكيرٌ بالصور، بل لا صورة على الإطلاق، والمعنى ليس غريباً أو جديداً… إن ما يقوله الشاعر عاشه مئات ملايين البشر وسيعيشه المليارات منهم حتى يرثَ الله الأرض ومن عليها!

إذاً ما الأمر؟!

لعلّ الأمرَ في قدرةِ هذا البيت (والشعر الحقيقي عموماً) على اكتشافِ الجوهريِّ والإنسانيِّ والخالدِ فيما يبدو مألوفاً وعاديّاً وربّما ساذجاً…

بحثتُ من جديدٍ عن هذا الشاعر الذي ما عرفته من قبل فرأيت أن الأصمعي أثبتَ له قصيدةً في مختاراته من الشعر العربي المعروفة “بالأصمعيات”… ووجدتُ أنه أحد الشعراء الذين خصّهم المدائني بكتابٍ مفرد سمّاهُ “خبر ضابئ بن الحارث البرجمي”، ووجدتُ أن صاحب “الحماسة البصريّة” روى له شعراً قاله وهو في سجن عثمان بن عفان في المدينة المنورة؛ ومما قاله في ذلك السجن وكأنّه يتنبأ بموته:

“وقائلةٍ إن مات في السجنِ ضابئٌ/

لنعمَ الفتى تخلو به وتواصِلُهْ

وقائلةٍ لا يبعدنْ ذلكَ الفتى/

ولا تبعدنْ أخلاقُهُ وشمائلُهْ

وقائلةٍ لا يبعد اللهُ ضابئاً/

إذا الخصمُ لم يوجد لهُ من يقاوِلُهْ”.

هو بيتٌ من الشعرِ إذاً جعلني أعيدُ اكتشافَ شاعرٍ مهمٍ كانت قصةُ حياتهِ غريبة سيئة… إذا صدقَ الرواةُ الذين حذّرَ منهم الحطيئة في وصيتهِ.

آخر الأخبار
الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً