تبخرت الدعوات الدولية التي طالبت الدول الغربية إلغاء العقوبات الاقتصادية التي فرضتها خارج إطار القانون والشرعية الدولية على العديد من الدول و خاصة التي تؤثر سلبا على جهود مكافحة فيروس كورونا الذي تحول إلى جائحة عالمية تستدعي من كل دول العالم التعاون لمواجهتها والحد من أثارها الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
لم تلق دعوة الأمين العالم للأمم المتحدة في هذا السياق أي استجابة من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكل ما سعت إليه المفوضية الأوروبية هو احتواء هذه الدعوة إعلاميا عبر إعلان رئيسها عن دراسة تخفيف هذه العقوبات بما يعزز جهود الدول المعاقبة بالجانب الصحي.
المعلوم إن العقوبات الاقتصادية المفروضة على العديد من الدول ومنها سورية لم تستند إلى أي مسوغ قانوني أو إجراءات تستهدف حماية الاقتصاد الأوروبي والأميركي بل هي لتحقيق أهداف سياسية عجزت هذه الدول عن الحصول عليها بالوسائل العسكرية والأمنية والضغوط السياسية.
لقد أظهرت جائحة كورونا ان هذه العقوبات الجائرة تستهدف الشعوب وليس السلطات والحكومات كما تزعم الدول التي فرضتها وتعد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للتخلي عنها ولو مؤقتا دليل على ان المتضرر الأكبر منها هي الشعوب وإلا لما كان من داع لإطلاق ندائه الإنساني هذا ولا أعلن رئيس المفوضية الأوروبية عن التحرك لتخفيف هذه العقوبات بشكل جزئي.
إن ربط عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة إزالة هذه العقوبات أو تخفيفها بزوال أسباب فرضها يعيدنا إلى نقطة الصفر ويظهر افتقاد هذه الدول لأبسط القيم الإنسانية والأخلاقية التي اتخذتها ذريعة في فرض هذه العقوبات التي يراد منها الضغط على الشعوب ودفعها للتنمر ضد دولها وحكوماتها بما يفسح المجال للتدخل الخارجي في شؤونها الداخلية .
لا يجب أن يعول أحدا على دور فيروس كورونا في تحريض الحالة الإنسانية و الأخلاقية لدى الحكومات الغربية فإذا كانت هذه الدول لم تبادر لمساعدة بعضها البعض فكيف يمكن ان تفكر بدول وشعوب أفشلت مشاريعها الاستغلالية على مستوى العالم .
ولو كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والحكومتان الفرنسية والبريطانية اللذين يشكلون رأس الأفعى في فرض العقوبات الاقتصادية لديهم ادني القيم الإنسانية لسارعت على الأقل لنجدة أدواتها في الحرب الإرهابية على سورية حيث امتنعت حتى ألان من اتخاذ أي إجراءات صحية في مخيمي الركبان والهول اللذين يخضعان لسيطرة القوات الأميركية المحتلة لأراض سورية وفي نفس الوقت تمنع سكان المخيمين من المغادرة في إطار استخدامهم في أجندنها السياسية المعادية للشعب السوري.
ان مخاطر العقوبات المالية و الاقتصادية الغربية على سورية وغيرها من الدول تضاعفت في ظل الظروف الحالية التي اتخذتها جميع الدول في إطار مكافحة جائحة فيروس كورونا وبات من الصعب جدا ليس فقط تأمين الأدوية والمعدات الطبية بل والغذاء والمواد الأولية الأمر الذي يتطلب من جميع دول العالم ممارسة أقصى الضغوط لإزالة هذه العقوبات بشكل كامل وتجريم استخدام العقوبات الاقتصادية لتحقيق أهداف سياسية أو القبول بالتدخلات الخارجية.
احمد ضوا