هل من مكان للحداثة في المشهد الموسيقي المعاصر؟

ثورة أون لاين-علي الأحمد :

قد يبدو السؤال مبهماً وغامضاً، للبعض، فالمشهد الموسيقي المعاصر، لابد وإن يحمل بين طياته هذه الحداثة المزعومة، وإلا ماتعني كل هذه النتاجات التي تطرحها شركات الإنتاج الفني والمنصات الإعلامية التي تغص بمشاهد الفيديو كليب المدجج بأقوى وأعتى الأساحة الايديولوجية، التي تحوي بين طياتها رسائل مشفرة وخفية ، تستهدف الأجيال الشابة الفتية، بدغدغة مشاعرهم الحسية، لتوقظ فيهم كل الغرائز المنحطة، وحب الاستهلاك المريض والتملك، الذي لايخلو منه أي عمل فني، يعتمد الإبهار مع صعود الصورة وتسيدها في كافة الأعمال، على حساب الكلمة والقيمة الذوقية والجمالية.

-نعم هناك تحديث متقن لمظهر الفن الموسيقي المعاصر، مع الاستفادة القصوى، من زخم التكنولوجيا والوسائط المتعددة والبرامج الذكية، التي اصبح يمتلكها كل من هب ودب، ليدلي بدلوه في هذا المشهد العجائبي الكارثي، الذي لم يسلم منه، إلا كل ذو حظ عظيم. نعم هناك تحديث لكن بالمقابل ليس هناك حداثة، والفرق بيّن بينهما، فالحداثة ليست في استيراد التقانات والأدوات وإقحامها بشكل فج وسطحي، في صميم النسيج النغمي العربي، بما يمتلك من حساسية جمالية وخصوصية متفردة.. الحداثة هنا شيء آخر، هي رسالة نزوع نحو تثوير وتخصيب بنية هذا الفن من الداخل وليس فرضاً من الخارج، فلايكفي أن تستخدم البيانو والكلارينيت، في عمل موسيقي عربي، مستقى من الألحان الشعبية، وتُبعد الناي والعود والقانون، بحجة الهارموني والبوليفوني، على سبيل المثال، وبالنهاية كيف لك أن تقنع الأذن والذائقة العربية، في عمل، لاينتمي بالمطلق الى تاريخها وهويتها ومزاجها التلحيني الموروث منذ آلاف السنين. فليس القضية في الهارموني والبوليفوني وغيره، بقدر ماهي أسلوب تلحيني جديد يؤمن بهذه الحداثة في أن تبعث الحياة والعطاء في هذا الفن المضيّع على أكثر من صعيد، فأغلب نتاج هذه الإلفية الثالثة العتيدة، ينحى مع كل أسف، الى مسايرة ومواكبة موضات العصر الموسيقية بشكل فيه الكثير من الخفة والتسطيح، هذا إذا طرحنا بعيداً، مسألة التقليد واستنساخ الآخر كماهو،وهو هنا الاستهلاكي التجاري في الغالب السائد، من دون إدراك لخطر هذا التوجه والإنقياد الأعمى نحوه، بما أدى الى تفريغ هذا الفن من مضامينه الروحية والوجدانية التي انبنى عليها، منذ نوتته الإبداعية الأولى، وهذا ليس كلاماً نرميه في الهواء، بل هو أعمق مما يتصور البعض، فالمسألة ليست مجرد خيارات لهذا الموسيقي أو ذاك، وبالطبع له مطلق الحرية في إختيار أسلوبه ومساره التلحيني الذي يريد، هي مسألة إنتماء حقيقي ، لتاريخ وموروث ثقافي، وميراث روحي ووجداني، تحتفي به كل الأمم عبر العصور، كشاهد على عظمة الفكر والثقافة والمعرفة فيها، هذه الأمور البديهية يجب ألا يتعامى عنها هذا الموسيقي أو يقفز عن حقائقها الراسخة، فنهوض الأمم كان وعبر هذا التاريخ مقروناً بماتملك من ذخر ابداعي على كافة المستويات المعرفية، وليس في استيراد وتقليد الآخر المغاير بشكل قردي مريض يكرس مفهوم الاتباعية والتبعية بعيدا عن الابداع والفرادة والتميز، نعم هناك ازمات مستعصية في هذا المشهد العبثي، يبدو أن حلها يحتاج الى معجزات، ومع ذلك لابد من التأكيد هنا وبالرغم من سوداوية وقتامة هذا المشهد، أن هناك، في الضفة المقابلة، ثمة فرسان نبلاء حقيقيون، بعيدون عن صخب وضبابية هذا المشهد، يكتبون موسيقى عربية بديلة، ابنة زمنها الحداثي لا الزمني العابر، حداثة عقلانية تعتمد في كثير من تفاصيلها على المزاج والروح العربيين، تكتب بصمتها المائزة، انطلاقاً مماهو ناجز ومكتمل في الهوية الموسيقية العربية الأصيلة، تحفر مسارها الابداعي والذوقي بعيدا عن سطوة وتعسف هذه الشركات الفنية التي لاتنتج إلا الفن المعلب المبستر، وبالطبع هي بعيدة أيضاً، عن “جنة” الإعلام والفضاء العربي العتيد، الذي يحتفي بالسحر والشعوذة والغيبيات وعودة الشيخ إلى صباه وجلب الحبيب، و”الحسابة بتحسب” ، هذه الشاشات المسطحة التي تنهب أعمارنا، وتسطح عقولنا وذائقتنا، في سبيل فتات مادي رخيص لايسمن ولايغني، إنه المال الأسود الفاسد، الذي يريد إفساد الجميع، عبر مايطرحه من رداءة وإنحطاط لمتطفلين ومهرجين ودجالين باتوا وياللأسف يمتلكون كامل المشهد، يملؤونه ضجيجاً وصريخاً وزعيقاً من فصيلة “أنكر” يتباهون ويتنافسون على من يقدم فن أكثر انحطاطا وتسفيهاً للعقل والذوق. ليأتي منظروا هذه الفضائيات ويحدثونك بكل وقاحة وفجور يحسدون عليه، على هذا الفن الحداثي المعولم، الذي يسلخ الأنسان العربي عن واقعه وميراثه الروحي، ليتم تخديره بهذه العينات المنكوبة، التي تحاصره من الفجر الى النجر، كي يتم تمدينه وتحضره وجعله مواطنا معولماً بإمتياز، يكفيه هنا الضغط على لوحة رخيصة تباع بأبخس الأثمان، كي يأتي العالم “كل العالم” ، الى مخدعه، وبشكل مجاني، كي يهرب من واقعه الحقيقي، المأزوم على أكثر من صعيد. إنها حداثة العولمة الماكرة المخادعة التي تنجح في فرض ثقافتها الوضيعة بقوة المال والإعلام وأشياء أخرى معلومة، لايسلم من شرورها أحد، بمافيه الغرب الامريكي الذي صنعها، وبالنهاية لنكن واقعيين ومنطقيين، في عصر اللامنطق واللامعقول، فمن “لايحب الحمار” ومن لايحب أيضاً أن “يبوس الواوا” ويشرب من عصير “البرتقالة” بكل مافيها من فيتامين سي، لمواجهة هذا الوباء الجميل المسمى ” الكورونا” !!! “وكما تكونوا يُغنى لكم…..

 

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات