ثورة أون لاين- يمن سليمان عباس:
تسعة وثمانون عاما مرت على رحيل جبران خليل جبران , وهو في ريعان شبابه , ومازال حبره ندياً بهياً , وأعماله الابداعية في كل ارجاء الوطن العربي , بمناسبة رحيله نقطف باقة مما قاله جبران خليل جبران , وكل ما قاله بهي نضر , لكن بعضه الآن نحن بأمس الحاجة للتذكير به .
سورية
بين الليل و الصباح 1919 يقول: أوه ما أعظم بليتك يا سوريا، إن أرواح أبنائك لا تدبّ في جسدك الضعيف المهزول، بل في أجساد الأمم الأخرى، لقد سلتك قلوبهم وبعدت عنك أفكارهم، يا سوريا، يا سوريا، يا أرملة الأجيال وثكلى الدهور، يا سوريا يا بلاد النكبات، إن اجسام ابنائك لم تزل بين ذراعيك، أما نفوسهم فقد بعدت عنك، فنفس تسير في جزيرة العرب، و نفس تمشي في شوارع لوندرة لندن ، ونفس تسبح مرفرفة فوق قصور باريس، ونفس تعدّ الدراهم وهي نائمة. يا سوريا يا أماً لا ابناء لها
عن اللغة العربية
اسمعوا أيها المسجونون في سجن ضمن سجن ضمن سجن، ليست سوريا للعرب، ولا للإنكليز، ولا للفرنسيين، ولا لليهود، سوريا لكم ولي. إن اجسامكم التي جُبلت من تربة سوريا، هي لسوريا، وارواحكم التي تجوهرت تحت سماء سوريا هي لسوريا، وليست لبلاد أخرى تحت الشمس. فأنا سوري وأريد حقاً سوريا، وحرية سوريا لسوريا
ما اللغة مظهر من مظاهر الابتكار في مجموع الأمة، أو ذاتها العامّة، فإذا هَجَعت قوّة الابتكار ، توقَّفت اللغة عن مسيرها، وفي الوقوف والتقهقر الموت والاندثار.
اذاً فمستقبل اللغة العربيّة يتوقّف على مستقبل الفكر المبدع الكائن -أو غير الكائن- في مجموع الأمم التي تتكلّم اللغة العربيّة. فإنْ كان ذلك الفكر موجوداً، كان مستقبل اللغة عظيماً كماضيها، وإن كان غير موجود، فمستقبلها سيكون كحاضر شقيقتيها السريانيّة والعبرانيّة.
وما هذه القوّة التي ندعوها قوّة الابتكار؟
هي، في الأُمّة، عزم دافع إلى الأمام، وهي، في قلبها، جوع وعطش وتوق إلى غير المعروف، وفي روحها، سلسلة أحلام تسعى إلى تحقيقها ليلاً ونهاراً، ولكنّها لا تحقّق حلقةً من أحد طرفيها إلا أضافت الحياة حلقة جديدة في الطرف الآخر.
هي، في الأفراد، النبوغ، وفي الجماعة، الحماسة، وما النبوغ في الأفراد سوى المقدرة على وضع ميول الجماعة الخفيّة في أشكال ظاهرة محسوسة. ففي الجاهليّة كان الشاعر يتأهَّب لأن العرب كانوا في حالة التأهّب، وكان ينمو ويتمدّد أيّام المخضرمين لأنّ العرب كانوا في حالة النمو والتمدّد، وكان يتشعَّب أيّام المولَّدين، لأنّ الأُمة الإسلامية كانت في حالة التشعّب. وظلّ الشاعر يتدرّج، ويتصاعد، ويتلّون فيظهر آناً كفيلسوف، وآونة كطبيب، وأخرى كفلكيّ، حتّى راود النعاس قوة الابتكار في اللغة العربّية، فنامت، وبنومها تحوَّل الشعراء إلى ناظمين، والفلاسفة إلى كلاميين، والأطبّاء إلى دجّالين، والفلكيّون إلى منجِّمين.
إذا صحّ ما تقدمَّ كان مستقبل اللغة العربيّة رهن قوة الابتكار في مجموع الأمم التي تتكلّمها، فإن كان لتلك الأمم ذات خاصة (ووحدة معنويّة) وكانت قوّة الابتكار، في تلك الذات، قد استيقظت بعد نومها الطويل، كان مستقبل اللغة العربيّة عظيماً كماضيها وإلاّ فَلا.
بعضنا كالحبر، وبعضنا كالورق، فلولا سواد بعضنا لكان البياض أصمّ، ولولا بياض بعضنا لكان السواد أعمى.
2. أنت أعمى، وأنا أصم أبكم، إذن ضع يدك بيدي فيدرك أحدنا الآخر.
3. العقل إسفنجة، والقلب جدولٌ، أفَليسَ بالغريب أن أكثر الناس يؤثرون الامتصاص على الانطلاق.
4. نصف ما أقوله لك لا معنى له، ولكنني أقوله ليتم معنى النصف الآخر.
5. ما أنبل القلب الحزين الذي لا يمنعه حزنه على أن ينشد أغنية مع القلوب الفرحة!
6. ليس الشعر رأياً تعبِّرُ الألفاظُ عنهُ، بل أنشودة تتصاعدُ من جرحٍ دامٍ أو فمٍ باسم.
7. منبر الإنسانية قلبها الصامت، لا عقلها الثرثار.
8. الوحدة عاصفة هوجاء صمَّاء تحطِّم جميع الأغصان اليابسة في شجرة حياتنا، ولكنها تزيد جذورنا الحيّة ثباتاً في القلب الحي للأرض الحيَّة.
9. إنما الرجل العظيم ذلك الذي لا يسود ولا يُساد.
10. لقد تعلمت الصمت من الثرثار، والتساهل من المتعصِّب، واللطف من الغليظ، والأغرب من كل هذا أنني لا أعترف بجميل هؤلاء المعلِّمين.
11. إذا كنت لا ترى إلا ما يظهرهُ النور، ولا تسمع إلا ما تعلنهُ الأصوات، فالحقيقة أنك لا ترى ولا تسمع.
12. لا يدرك أسرار قلوبنا إلا من امتلأت قلوبهم بالأسرار.
13. إذا تعاظم حزنك أو فرحك صَغُرَتْ الدنيا.
14. ليس من يصغي للحق بأصغر ممن ينطق بالحق.
15. ما أشبه بعض أرواح الناس بالإسفنج؛ إنك لا تستقطر منها إلا ما امتصته منك أنت.
16. جميل أن تعطي من يسألك ما هو في حاجة إليه، ولكن أجمل من ذلك أن تعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته.
17. إن أيامنا مثل أوراق الخريف؛ تتساقط وتتبدد أمام وجه الشمس.
18. إن ما تشعرون به من ألم هو انكسار القشرة التي تغلف إدراككم، وكما أن قشرة النواة الصلدة يجب أن تتحطم وتبلى حتى يبرز قلبها من ظلمة الأرض إلى نور الشمس فهكذا أنتم أيضاً؛ يجب أن تحطم الآلام قشوركم قبل أن تعرفوا معنى الحياة.
19. إن القلب بعواطفه المتشبعة يماثل الأرزة بأغصانها المتفرقة، فإذا ما فقدت شجرة الأرز غصناً قوياً تتألم، ولكنها لا تموت، بل تحول قواها الحيوية إلى الغصن المجاور؛ لينمو ويتعالى ويملأ بفروعه مكان الغصن المقطوع.