الملحق الثقافي:جيهان رافع:
من وحي صمود صدقي المقت
تلمّس ملابسه الرطبة، فعاد جسده يفرز قطرات عرق، وحرارة ترتفع مع الوقت، رفع الغطاء عنه ونهض نصف نهوض، ومازال يتنّـفس بصعوبة، ثمّ رمى نفسه من جديد على كاهل سريره المتهالك تحت فوضى الذاكرة، كان يسمع هذيانه يسمعه جيّـداً،
ظلاله الباردة ما عادت تحمله على كتفها العوجاء والدموع المتآكلة.. ضائع بين الوجوه المغرورقة بالقهر، ضائع أنا يا أمّي، لا تنتظريني أمام باب الريح المشدودة نحوي، فلقد التصقت أجفاني بأجنحتي المغلقة بغبار الخيبات.
حلمت بالحزن يضحك لي، والزنزانة تستسلم، لكنّ هابيل كان بالمرصاد، فتعرّت أنياب الغراب، وأجساد يتشدّق بها جلاد حافي النور، ناقوس العودة سيدقّ يا أمّي، وسأتسكّع بأزقّـة الحنين، حاملاً مشاعل المرافئ المظلمة.
نحن من سنبني أعشاش السعادة على نوافذ الشمس وحوافّ الجوامع والكنائس ودور العبادة، وستستدير رؤوس عبّـاد الشمس نحو منديلك، عندما تلوّحين مرحِّبة بنا يا أمّي..
أمّي أعلم كيف استباح الوجع مداخلك ومخارجك، مذ كنت نطفة تسبح في كتاب عشقك المسيّج بالألم وحبّ الأرض، وقانون الوفاء كان لديك كقانون الجاذبيّة، لا يغيره احتلال ولا نفي الإنسانية، لم تصب بالشلل جذورك يوماً، مع كلّ غربة الطيور وازدحام ظلال القوافل المهاجرة، وشظايا أشرعة الموت، وهروب الحبّ من قضائه المركّب، قد زادك الألم ألقاً، وقد وهبني احتراف الحزن لأكتفي بالزفير على دماء جدران سجونهم، فيفيض الوله حبراً على أديم الصمت، للحظات بيضاء القدر لم تُبتر أقدامها قبل الوصول إليّ كان التوق يلازم أسري، وأعدك لن تَقطع العتمة عمق الضوء بحفنة قضبان وسياط.
التاريخ: الثلاثاء14-4-2020
رقم العدد : 994