التناقض في مفهوم الحضارة العالمي

 الملحق الثقافي:هنادة الحصري: 

يقول كانط: «أن يكون المرء عنيفاً يعني أن يستخدم شخص الآخرين كمجرد وسيلة دون النظر إلى أن الآخرين، بصفتهم كائنات عاقلة، ينبغي دائماً احترامهم في الوقت نفسه كغايات».
لعل هذا القرن وما يحمله من مفاهيم عنفية تشكل مساحة واسعة من عالمنا الفكري، يؤكد التناقض الواضح في مفهوم الحضارة العالمي، حيث يقول الفيلسوف كارل بوبر «ترتكز الحضارة أساساً على تقليص العنف».
فأي حضارة ندّعي والعنف يسري كالهشيم!
لا أدري في هذه الأيام كيف تقتحم عالمي أسطورة دراكولا، ولعلمكم فإن دراكولا هو شخصية حقيقية وليست أسطورية، حيث نسبت إليه الكثير من الأفعال المرعبة. دراكولا هو ابن حاكم عسكري لمدينة تراسلفانيا في رومانيا، حيث انتقل والده من رتبة حاكم عسكري ليكون أميراً على أقاليم ثلاث في رومانيا. بعدها تم احتجاز دراكولا وأخيه الأصغر رادو كرهائن عند السلطان مراد الثاني العثماني. بقي دراكولا في تركيا إلى أن أطلق الأتراك سراحه، وابلغوه بأن والده قد اغتيل بنفس العام بتخطيط من فيلاديسيلاف الثاني وأن أخيه الأكبر دفن حياً.
وعندما أصبح دراكولا في السابعة عشرة من عمره، انطلق مدعوماً من الباشا مصطفى حسن باحتلال الإقليم الذي تم اغتصابه من والده، وحاصر فيلاديسيلاف الثاني لمدة شهرين حتى استطاع هزيمته وقتله. وبهذا تحققت أولى أمنياته وهي الانتقام من قاتل والده. بعدها بدأ ينتقم من قتلة أخيه، حيث قام بأسر كل من له علاقة بمقتله مع عوائلهم. فقام بتعليق كبار السن منهم على الخوازيق، وأمر الباقي بالرحيل إلى منطقة تبعد خمسين ميلاً، حيث أمرهم ببناء قلعة عظيمة له تعرف الآن بقلعة دراكولا.
كان يطبق العقاب الوحشي على أعدائه مثل سلخ جلودهم، إلقائهم في الماء المغلي، قطع أعناقهم، فقء أعينهم، حرقهم، شوائهم، ودفنهم أحياء.. إلخ، كما كان يهوى قطع أنوفهم وآذانهم وأطرافهم. أما أحب أسلوب تعذيب له، فهو الخازوق، حتى اشتهر باسم أمير الخوازيق.. ويقال إن من شدة صرامته وخوف الناس منه أن وضع كأساً من ذهب في الميدان الرئيسي لعاصمته بدون أي حراسة ليشرب المسافرون وعابرو السبيل الماء، وطبعاً لم يجرؤ أحد على سرقته طوال فترة حكم دراكولا.
هذا إذا اعتمدنا مبدأ النتائج وراءها أسباب.. ما زلت أذكر ما قاله دوغلاس فيث وهو ثالث أقوى المحافظين الجدد في وزارة الدفاع الأمريكية عندما دفع أمريكا لاحتلال العراق «إننا ذاهبون إلى حيث المستقبل»، لكنه وبعد تأكده من فشل الاحتلال الأمريكي للعراق قال: «كل ما نفعله هو أننا نتزلج على الدم. لم أتصور أبداً أن اللحظة البابلية لا تزال مهيمنة هناك».
نعم نحن العرب لدينا حضارة باقية، فيها تكمن قوتنا، ولا بد ستهزم أصحاب المجتمعات الهجينة، الذين سعوا لفك ارتباطنا بمكوناتنا الحضارية والثقافية، ولكننا مدعوون لإعادة صياغة حاضرنا بوعي عال متجاوزين نقائصنا مجددين تراثنا وقادرين على نبذ ثقافة التخلف، وهي الركيزة الأولى في البناء المعرفي. صدق أحدهم حين قال: المأزق العربي الراهن كوننا نعيش علاقة مشبوهة مع أنفسنا قبل أن نعيشها مع الغرب.

التاريخ: الثلاثاء14-4-2020

رقم العدد : 994

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر