تنسل الولايات المتحدة الأميركية رويداً رويداً, من المنظمات الأممية التي تخالفها حتى بكلمة واحدة, وإعلان ترامب وقف المساهمة الأميركية بتمويل منظمة الصحة العالمية, لم يكن مفاجئاً أبداً, فالمنظمة التي يريدها ترامب كبش فداء, قصرت كما أعلن هو, في إخبار أميركا أن الأمر خطر!!
أليس هذا مضحكاً حد البكاء, واشنطن التي تراقب السماء والأرض, وتدعي أنها ترصد أنفاس البشرية, لا تعرف أن الوباء خطر, وينذر بما لا يمكن التنبؤ به, لن نعظم قوة أميركا, ولكن لن نكون حمقى في قراءة ما تعمل عليه, الغرور أصاب واشنطن وأعماها, بعد أن نصبت نفسها شرطي العالم, لا يمكن لأحد أن يهمس دون رضاها, فكيف إذا رفع صوته قليلاً؟
الأمر لا يحتاج عناء بحث, ثمة من يجب أن يدفع التقصير الذي أصبح نوعاً من السياسة الأميركية, ولأن ترامب على أبواب حملة انتخابية, الضحية جاهزة دائماً, دول, منظمات أممية, لا يهم من هي, بل الغاية التي يمكن أن تتحقق من وراء هذه التصرفات, من قبل كانت الحماقات تجاه اليونيسكو, وغداً لا أحد يدري.
في البحث عن هذا الطيش الأميركي, لابد أن يقف المتابع على الكثير من الأسباب التي يمكن تفكيكها, ولن تبقى طويلاً, السيد الأميركي الذي جعل نفسه حاكماً للعالم, بدءاً من الكونغرس الذي يشرع العقوبات هنا وهناك, إلى عصاها الغليظة حاملات طائراتها, وبوارجها الحربية, وعندما تقدم هي القسم الأكبر من تمويل بعض المنظمات الأممية, هل هذا كرم وعمل أخلاقي من الإدارات الأميركية؟
بالتأكيد: لا, فمن يمول جهة ما, لابد أنه يعمل على أن تنفذ ما يريد, ولن تريد واشنطن من أي مؤسسة أممية أن تكون خارج سيطرتها, بل أن تكون أداة طيعة في الوصول إلى الغايات التي تعمل من أجلها, ناهيك بما فعله الدولار ومؤسساته المصرفية.
هذا كله, ليس مجانياً, ولا يمكن أن يبقى إذا أراد العالم الخلاص من الربقة الأميركية, لابد من إستراتيجيات جديدة تبعد الهيمنة المالية لواشنطن على المؤسسات العالمية, وألا يبقى العالم يردد: أنها تقوم بفعل غير لائق, فمتى كانت واشنطن تقوم بفعل لائق؟
ولعل من قال: إن واشنطن دائماً تبحث عن ضحايا تحملهم مسؤوليات إخفاقاتها كان صائباً تماماً, ولكن هل على العالم أن يبقى كما كان؟
معاً على الطريق- بقلم أمين التحرير: ديب علي حسن