الثورة أون لاين: احمد ضوا
تعمل الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية على وضع الصين في قفص الاتهام عن تفشي فيروس كورونا في العالم دون إن تقدم أي أدلة أو معطيات علمية وصحية على اتهاماتها لبكين التي تحمل بعدا سياسيا واقتصاديا ليس له علاقة بالوباء .
من المعلوم إن وكالة المخابرات الأميركية نشرت تقرير لها من الصين عن وباء كورونا لم يتضمن أي معلومات عن انتشار الفيروس وترك فيه الباب مفتوحا لكل الاحتمالات مع إشارتها إلى النشأة الطبيعية للفيروس حسب التقدير الصيني وكان هذا التقرير مؤشر على ما يتم تداوله اليوم على المستوى السياسي في واشنطن .
إن دخول مسألة “الاتهام السياسي” للصين في بورصة الانتخابات الرئاسية الأميركية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جون بإيدن يعكس التوظيف القذر في الصراع على كرسي البيت الأبيض ويحمل بين طياته في نفس الوقت بعدا ينقل الصراع الأميركي – الصيني الخفي إلى الواجهة السياسية مع تناغم الإعلام الأميركي للحملة المشتركة الديمقراطية الجمهورية ضد بكين في مسألة تحمليها مسؤولية تفشي الوباء .
على ما يبدو أن اتهام الصين سيكون مادة دسمة في الصراع الانتخابي الأميركي ومجالا مفتوحا للمنافسين للتهرب من المسؤولية عن تقاعس الإدارات الأميركية المتلاحقة في الجانب الصحي وتصفية هذه القضية بتصديرها في الصراع الخارجي وتداعيات كورونا على النظام العالمي الذي يجمع الكثير من المنظرين على لفظه لأنفاسه الأخيرة .
السهام الأولى وجهها بإيدن للرئيس ترامب متهما إياه بالتقصير في “محاسبة الصين” وهي تهمة كبيرة لا تستند إلى أي أدلة وتحمل بعدا متغطرسا عن قدرة الولايات المتحدة على معاقبة الصين كما تخفي خلفها حقيقة الصراع الانتخابي و التوجه الأميركي لاستغلال أزمة كورونا في الصراع العالمي الدائر بين القوى الكبرى على تقاسم المصالح والنفوذ حسب الإمكانيات الاقتصادية والعسكرية وتتصدر بكين وواشنطن الجانب المتفاعل فيه قبل وباء كورونا تشاركها فيه روسيا الاتحادية وقوى أخرى لم تجد القاسم المشترك لدفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى تغيير إستراتيجيتهم لقيادة العالم واحترام قيم و مصالح القوى المنافسة استنادا إلى المؤشرات الاقتصادية و العوامل الجيو سياسية المرتبطة بالقوة العسكرية .
إن اختيار مؤسسات صناعة القرار في الولايات المتحدة تصدير العجز الداخلي عن مواجهة وباء كورونا عبر الدفع باتجاه تحميل القيادة الصينية المسؤولية عن تفشي الوباء وتبعات ذلك يشتغل عليها إعلاميا وسياسيا واستخباراتيا وقد يفاجأ العالم في الوقت القريب بتقرير جديد لـ( CIA) يدعم الاتهامات المتصاعدة في الكونغرس الأميركي للصين والمحرضة للأميركيين” مواطنين وشركات” برفع دعاوى ومطالبة الحكومة الصينية بالتعويضات.
من وجهة نظر عدد من الخبراء لم يكن الرد الصيني الهادئ على الاتهامات الأميركية بالمستوى الذي يدحض هذه الاتهامات فالاكتفاء بالقول إن لا أساس لها من الصحة وان الوقت ليس للتنمر بل للعلم والحقائق والتضامن غير كاف لوقف الحملة الأميركية المتصاعدة إعلاميا وسياسيا وصحيا لتحميل الصين المسؤولية .
إن تسليط بإيدن الضوء على إهمال ترامب للجانب الصحي لبلاده وبالمقابل قيام حملة الأخير بتذكير المرشح الديمقراطي باعتراضه على أمر أصدره الرئيس الأميركي يفرض قيود على المسافرين غير الأمريكيين القادمين من الصين لمكافحة كورونا لا يعني على الإطلاق انحصار الحملة ضد الصين في الجانب الانتخابي والوقائع تشير إلى إن ملفا كبيرا يحضر للصين ويجب العمل على دحضه بالمعلومات والوقائع منذ البداية .
العالم مقبل بعد كورونا لمرحلة صراع طاحنة والتصريحات الأميركية الانتخابية والسياسية لا تعكس إدراكا أميركيا بضرورة بناء عالم جديد لا يدور في الفلك الأميركي.