ثورة أون لاين- سهيلة إسماعيل :
اختارت منظمة اليونسكو للثقافة والعلوم يوم الثالث والعشرين من شهر نيسان للاحتفال بيوم الكتاب وحقوق المؤلف بعد اجتماعها في باريس عام 1995، وذلك تقديرا لأهمية بعض المفكرين والأدباء الذين أغنوا البشرية بمعارفهم، ولأهمية الكتاب عبر التاريخ، وتم الاتفاق على الثالث والعشرين لأنه يصادف ذكرى وفاة مؤلف هاملت الإنكليزي شكسبير، ومؤلف دون كيشوت الإسباني سرفانتس، و الموحي بشخصية شارك هولمز المؤرخ البيروفي إنكا غارثيلاسودي فيغا، كما يوافق ولادة الكاتب الفرنسي موريس دريون، ومؤلف (لوليتا) الروسي فلاديمير نابوكوف والاسكتلندي جوزيف بل.
ولم ينجُ اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف هذا العام من أن تأتي أخبار الاحتفال به مقرونة بالفيروس القاتل، فهاهي دار النشر المصرية الشابة (صفصافة) تقرر تقديم مجموعة من الكتب للطواقم الطبية كهدية تقديرا لجهودهم الكبيرة لمواجهة الفيروس. ولكم أن تتخيلوا الفرق..! فمن طرف الكتاب الموسوم بسفير المعرفة، وطريق التغيير، وجسر التواصل الأبقى والأجمل بين شعوب العالم قاطبة، والدليل على حب الثقافة والحياة، وفي الطرف الآخر فيروس يسرق أحلى ما منح الخالق لخلقه وهي الحياة نفسها، ليصبح الحدثان (كورونا واليوم العالمي للكتاب) قطبين متنافرين لن يلتقيا أبداً. لكن واقع الحال فرض أن يتم الاحتفال بخير جليس بصمت أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشئنا أم أبينا اقترن اسم الفيروس مع مناسبة أدبية ثقافية كهذه، لا بل اخترقها كما اخترق تفاصيل حياة جميع الناس دون استئذان، وقلبها رأساً على عقب، لكن يبدو أن الحجر الصحي والعزلة التي فرضها الفيروس أعادت للكتاب قيمته وألقه، فالكثيرون اختاروا أن يقضوا أوقاتهم في قراءة كتب كانت مؤجلة، كتب غطاها الغبار، وهي قابعة على الرفوف أو في الأدراج، تترقب يداً تفتحها، وعيناً تبصرها، وعقلاً يستزيد منها ويستنير بها. فهل كنا ننتظر كارثة صحية لنلتفت للكتاب ؟ أوَلمْ نجد الوقت الكافي خلال الأيام السابقة لنغذي عقولنا ؟.
أسئلة جمّة تطرحها المناسبة، ليس أقلها عن دور الجهات الثقافية الرسمية وتلك المعنية بتنمية حب المطالعة وجعل الكتاب حاجة أساسية في حياة الفرد منذ نعومة أظفاره كحاجته لرغيف الخبز، خاصة في ظل انتشار الكتاب الإلكتروني ومنافسته الشديدة للكتاب الورقي الذي سيبقى محافظاً على مكانته الكبيرة وحضوره البهي لدى الكثيرين ممن يعرفون إعطاءه حقه.