مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كانت مرحلة الاتجاه الانطباعي في الرسم قد شارفت على الانتهاء، وقد تركت فترة تحرر الرسم من القيود الكلاسيكية والواقعية في الفترة الانطباعية تأثيرات مباشرة وواضحة على النحت، وذلك بإضفاء الضربات العفوية والملامس الخشنة على سطح المنحوتة، مع المحافظة على النسب والمقاييس الواقعية، ولقد اعتبر العديد من النقاد الفرنسيين أن هذه المنحوتات تشكل امتداداً للمدرسة الانطباعية في الرسم، لأن هذه النزعة النحتية التحررية، جاءت في وقت متزامن مع المرحلة التي تكرست فيها الانطباعية والنيوانطباعية في مدرسة باريس.
ولا شك في أن مصطلح النحت الانطباعي إشكالي بامتياز، ولقد لاقى صيحات رفض من قبل بعض كبار الفنانين والنقاد، لأن من أهم قواعد الرسم الانطباعي، نقل تبدلات اللون على اللوحة أو تحولات اللون والضوء خلال رسم اللوحة تحت ضوء الشمس أو في ساعات النهار، كما وضح ذلك “كلود مونيه” مؤسس وزعيم الانطباعية، في بيانه “قانون التباين اللحظي”، حتى إنه حدد الانطباعية في الرسم، ولم يتحدث عن النحت في بيانه التوضيحي.
وقد اعتبر بعض النقاد النحات الفرنسي الشهير أوغست رودان (1840- 1917) من أبرز أعلام الاتجاه الانطباعي في النحت، ويمكن اعتباره أحد أشهر النحاتين في القرن العشرين، ولقد تركت طريقته في النحت تأثيرات واَضحة على أعمال بعض الفنانين في العالم أجمع، من ضمنهم: جان فوتريييه وماركوس لوبيرتز وجيرمان ريشييه وكونينغ، كما تأثر به العديد من الرسامين، الذين قدموا أو جسدوا المرأة، التي كانت موضوعه المفضل وحبه الدائم، لدرجة أنه لقب “بعاشق المرأة” ، وقدم رؤية متطورة وخاصة به للجسد الأنثوي، فيها الكثير من الغنائية البصرية، المقروءة في أعمال الرسامين الانطباعيين.
رؤية ـ أديب مخزوم