وصلت أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية في أسواقنا لأرقام قياسية لا قدرة لمعظم المواطنين على تحملها، بسبب دخلهم الضعيف بالأساس، والظروف العصيبة التي يمرون بها نتيجة الإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لفيروس كورونا.. ومع استمرار هذا الارتفاع يوماً بعد يوم يتساءل الناس عن السر الكامن وراء هذا (الجنون)، والسر الكامن وراء عجز الجهات المعنية عن معالجته معالجة جادة بشقيها الإسعافي المتعلق بالنتائج، والاقتصادي المتعلق بالأسباب.
وهنا نقول: إن ما تشهده أسواقنا من فوضى وارتفاع كبير في الأسعار في ظل ظروف قاسية يعيشها المواطن لا يقبلها عقل ولا منطق ولا قانون ولا أخلاق، وهي غير مبررة مهما قدّمت الأعذار بخصوصها من قبل هذا التاجر أو ذاك، وهذه الجهة العامة أو تلك، وما تقوم به وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومديرياتها في المحافظات من إجراءات للمنع والقمع، ثبت أنها لا تقدم ولا تؤخّر لجهة مساهمتها في تخفيض الأسعار، وذلك لأسباب ذاتية تتعلق بفساد أو عدم حرص الكثير من الكوادر الموكل إليها أمور الرقابة أو الإشراف وتنظيم الضبوط، وموضوعية تتعلق بالقوانين النافذة التي تحتاج لتعديل.
في ضوء ما تقدّم نؤكّد أن معالجة الواقع القائم الذي وصلنا إليه لايمكن أن تتم عبر إجراءات لا تسمن ولا تغني من جوع، أو قرارات متسرعة ومبنية على ردود أفعال، أو خطوات نظرية أكثر منها عملية، ولا عبر آلية التعامل الحالية مع النتائج فقط، إنما لا بد من حلول اقتصادية متكاملة يشارك بوضعها مختصون حريصون على الوطن والمواطن، تبدأ من معالجة الأسباب التي تسهم وتؤدي لارتفاع تكاليف وأسعار المواد المنتجة محلياً أو المستوردة من الخارج، مروراً بتحديد أسعار مبيع الجملة والمفرق، وانتهاء بموضوع الرقابة والضبط والمنع والقمع، استناداً لقانون تمويني جديد يراعي الواقع الراهن من كل جوانبه.
على الملأ- هيثم يحيى محمد