ثورة أون لاين- هفاف ميهوب:
أعداءٌ خونة ولقطاء، ومن ثمَّ جراثيم الهواء.. أوبئةٌ كلّها قادتنا إلى غيبوبةِ فرحتنا.. أوّلها حربٌ ملعونة بثَّت سموماً مأفونة.. انهمرت ويلاً ما أبشعه.
قتلَنا ومن بقيَ روَّعه.. “كورونا” الذي عزلنا، فتفاقم فينا وجعنا، لوَّث فضاء أنفاسنا، وأمرَ بعدمِ عناقنا.. شلّ فينا الحركة، وهدَّد أهل البركة.. غيّبنا عن الحياة، وخنقَ الأغنيات.. كمَّم أفواهنا ومنعنا، من لمسٍ ربما يقتلنا.. نوّمَ فينا الأحداق، فاستيقظت الأشواق.. صحونا بعد غياب، وتفقَّدنا الأصحاب.. كأنهم ناموا دهراً، استيقظوا هَرموا جداً..
سألنا بعد صحوتهم، من غيبوبة غفوتهم: أنمتمْ؟!.. كم لبثتم؟!..
قالوا بأفواهٍ ملّت، من تخميناتٍ جنّتْ: عُزلنا فضجرنا ونمنا، لا ندري ما الذي نوّمنا.. قد يكون الوباء، أو حمى الغلاء.. ربّما خوفاً من مجهول، نخشى إقامته ستطول.. إن ابتسمنا عاقبنا، تمدَّد فينا وأرهقنا.. نتفاءل أملاً يخذلنا، نصيرُ وجه تجهمنا..
هو ما قالوه باستهتار، من كلِّ وباءٍ غدار.. سواء فيهم أو حولهم، يرقبُ أن تغفل أعينهم.. أو كان غريباً وقتلهم، وانتظر الموت يغيّبهم.. لا يعرفُ معنى الشجاعة، وكأنّ لديه مناعة.. ضلاله يترصَّده، سيصرعه ويقتله.. يقتله ويردمهُ بجشعه، مع من جرجره بولعه..
ولعهُ بقتل الناس، والروح والإحساس.. فيه من داء العظمة، ما لا يتعافى والنقمة.. ترقبه بعين حسرتها، وغضبها وقسوة نظرتها.. على هشيمِ أخلاقه، التي قضمها بنفاقه..
فجورُ العالمِ لا يشبع، إلا لإبليسه لا يركع.. يُنكر خسَّته وأصله، إجرامٌ عنون فعله.. يتباهى بالكذبِ الأحمق، مجنونٌ شريرٌ أخرق..
الإنسانيةُ غادرته، فتسربل ببشاعته.. نامَ القوم فالإنسان لا يصحو مع عين البهتان.. ناموا طويلاً دثرهم، القهر الذي أوجعهم.. استيقظت أحلامهم، فتساءل فيها وقتهم:
“كم لبثنا؟!.. أنمنا، أم نُوّمنا؟!..