ليس غريباً ولا جديداً ولا استثنائياً أن يتعهد المرشّح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن بإبقاء سفارة بلاده لدى الكيان الصهيوني في موقعها الجديد في القدس المحتلة إذا ما انتخبه الأميركيون رئيساً على حد زعمه.
فهذا التعهد يقدمه كل المرشحين للرئاسة سواء كانوا من الحزب الجمهوري أم الديمقراطي، بل لا تكتمل حملاتهم الانتخابية من دون ذلك، وهو من بديهيات تقديمهم الطاعة للوبي الصهيوني والكيان العنصري أثناء الحملات الانتخابية وقبلها وبعدها.
ولا يكاد التاريخ القريب أو البعيد يستثني أحداً من المرشحين الأميركيين من هذه القاعدة، أو يسجل أن أحدهم قال عكس ذلك، فجميعهم بحمائمهم المزعومين وبصقورهم المتوهمين يسعون لكسب ود اللوبي الصهيوني ورضا الكيان الإسرائيلي الإرهابي.
ولعل الفارق الوحيد بينهم أن بعضهم يعلن بكل صفاقة، وبطريقة وقحة، أنه لن يسمح بعودة القدس إلى أصحابها الحقيقيين، كما فعلها دونالد ترامب غير مرة، بينما يمارس البعض الآخر سياسة المراوغة والتضليل والأساليب (الناعمة) كما فعلها اليوم جو بايدن حين حاول إرضاء اللوبي الصهيوني وذراعه الإيباك من جهة وحاول إيهام العالم والعرب والفلسطينيين بأن هذه الخطوة ستخدم السلام المزعوم من جهة أخرى.
وهنا تكمن المفارقة الصارخة التي تشير إلى دس السمِّ في العسل، فبايدن يقدم فروض الطاعة للكيان الإسرائيلي واللوبي الصهيوني من خلال تعهده بإبقاء سفارة بلاده لدى هذا الكيان في القدس المحتلة، وبالوقت نفسه يزعم أن بقاءها بالمدينة المحتلة هو من أجل تسهيل الحوار مع الفلسطينيين، وأنه يبقي آفاق حلّ الدولتين على قيد الحياة.
وهنا لا ندري على من يكذب بايدن قبل أن يكذب على نفسه، فالحوار مع الفلسطينيين وإعادة حقوقهم المسلوبة وتطبيق مبدأ حل الدولتين لا تحتاج إلا إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، أما الخطوات العنصرية والعدوانية لبايدن وأمثاله فلن تجلب إلا المزيد من التوتر والصراع، ولذلك فإن هذا الأخير وغيره من مسؤولي أميركا لن يقدموا على خطوة واحدة نحو حل الصراع، لأنهم مشغولون بكسب ود اللوبي الصهيوني ونيل رضاه ليس إلا.
بقعة ساخنة- مدير التحرير: أحمد حمادة