فجأة يظهر اتحاد غرف التجارة من تحت رماد أسواقنا المحلية التي اكتوى روادها بلهيب نار أسعارها، محاولاً حجز مقعد له ضمن الصفوف الأمامية للمشهد العام والدخول على خط الحراك الأساسي والهام الذي تقوم به الدولة لكسر الحلقات الاستغلالية اللاتجارية الوسيطة، التي لا هم لها ولا اهتمام إلا تحقيق أكبر منفعة ممكنة بأقل تكلفة وجهد ممكن ولو كان على حساب الفلاح والمواطن صاحب الدخل المحدود على حد سواء.
فجأة يظهر الاتحاد، وبسرعة البرق يختفي تاركاً حبل التلاعب بالأسعار وبلقمة عيش المواطن على غاربه أمام أعضاء غرفه الذين لم يترك القسم الأكبر منهم باباً للكسب إلا وطرقوه تحت أعذار وحجج واهية أتت على عرق جبين وكد يمين الفلاح، وعلى القوة الشرائية للمواطن الذي كاد أن يصبح بلا حول ولا قوة لولا مؤسسات التدخل الإيجابي للدولة وفي مقدمتها السورية للتجارة التي ستغدو مع جرعات الدعم الكبيرة واللامحدودة اللاعب الأكبر، والتاجر الأشطر في الأسواق القادر بديناميكيته وبحزمة التسهيلات المقدمة إليه على إقصاء التجار والباعة والسماسرة الجشعين الطماعين المبتزين الذين يحاولون استغلال ظروف الحرب والحصار، والعقوبات والحظر والوباء والإجراءات والتدابير الاحترازية الوقائية من أجل خلق حالة من الاحتكار ومنها إلى رفع الأسعار وتحقيق أرباح فاحشة على حساب المواطنين الذين لم يراهنوا يوماً على مؤسسات جهات القطاع العام كما هو اليوم، لا من فراغ وإنما بناء على التجارب والوقائع والحقائق التي أثبتت بالدليل القاطع والبينة الواضحة أنها “مؤسسات القطاع العام” اللاعب الأساس والورقة الرابحة التي يمكن الاعتماد عليها وبقوة ” وحدها دون غيرها” في كبح جماح غول الأسعار ونزع أنيابه وتقليم مخالبه، والتأكيد للاتحاد والغرف والتاجر والبائع والمستهلك مجتمعين أن الجشع إلى زوال والطمع إلى زوال والاحتكار إلى زوال وأن التفاوت الكبير بين سعر الأرض أي المزارع والسعر المقدم للمستهلك إلى زوال، شاء من شاء وأبى من أبى، فالحياة سوف تستمر، وصحة وسلامة وأمن المواطن الغذائي خط أحمر يمنع بأمر من الدولة الاقتراب منه.
الكنز-عامر ياغي