ثورة أون لاين _ ابتسام هيفا :
في الأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم ومع اقتراب عيد الفطر السعيد اضطر الكثير من السوريين إلى التخلي عن تقاليد اعتادوا ممارستها خلال فترة الأعياد، وذلك بسبب غلاء الأسعار الذي حال دون شراء ملابس العيد أو حلويات العيد مع غياب العيدية.
“ثورة أون لاين” رصدت بعض آراء المواطنين حول استعدادهم لاستقبال العيد…
غلاء الحلويات..
تقول السيدة نهلة خضر وهي موظفة.. يأتي العيد والبهجة غائبة عن معظم بيوتنا بسبب الغلاء وعدم تناسب الأسعار مع الراتب الشهري وتناقص قدرتنا الشرائية.. فالتحضيرات للعيد لن تكون كما عهدناها، وبالنسبة لحلويات العيد عودت أولادي على صنع المعمول بجوز وفستق واقراص محشوة بالتمر.. لكن هذا العيد سأستغني عن هذه الأصناف بسبب غلاء الفستق والتمر والسمن الحيواني وسأكتفي بصنع أقراص العيد السادة.. والاستغناء عن شراء الشوكولا التي هي أساس الضيافة في العيد واستبدالها ببعض السكاكر.
ويوافقها الرأي السيد عدنان صبح اذ يقول: في كل عيد تعودت أن أشتري حلويات العيد الجاهزة.. لكن مع قدوم هذا العيد امتنعت عن الشراء بسبب الغلاء اللامعقول حيث بلغ سعر الكيلو من الحلويات التي كنت اشتريها من ١٠ آلاف حتى ٣٥ ألف، وقمت بشراء بعض أنواع البيتيفور التي يتراوح سعرها بين ٢٥٠٠ و٥٠٠٠ ليرة.
وتستذكر أم علي عادات الماضي عندما كانت تجتمع نساء العائلة وفتياتها عشية آخر يوم من شهر رمضان للعمل معاً ،فالبعض منهن يتولين تحضير العجين وأخريات يجهزن الحشوة ويضعنها في قوالب متعددة الأشكال، أما الصغار فيتسمرون أمام باب الفرن لمشاهدة كعك العيد وهو ينضج داخل الفرن وسط أجواء من المرح والبهجة.
لن نشتري ملابس العيد..
تقول السيدة غنوة مهنا.. مع اقتراب العيد بدأ أصحاب المحال التجارية برفع الأسعار بشكل كبير على كافة البضائع وبشكل خاص الثياب والأحذية حيث أصبح حلم المواطن شراء الثياب لأولاده على الأقل..
ويقول عامر مكنا وهو موظف وأب لثلاثة أولاد.. اخذت أولادي على السوق لشراء ألبسة لهم فتفاجأت بغلاء الأسعار الخيالي.. فثياب الأطفال يبدأ سعر القطعة من ٥٠٠٠ ويتضاعف السعر بشكل كبير في باقي انحاء السوق.. أما ملابس الشباب فيتراوح سعر البنطال من ١٠ حتى ١٥ ألف ليرة وسعر الحذاء يبدأ من ١٢ حتى ال١٧ ألف ليرة.
وتوضح رانيا وهي طالبة جامعية: في ظل هذا الغلاء الفاحش أكيد لن أحمّل أهلي هم ملابس العيد.. فأنا أشعر بالخجل أمامهم بسبب المصاريف الزائدة عن قدرتهم التي تغطي احتياجاتي كطالبة جامعية وكصبية أنا واخوتي.. وتوافقها الرأي والدتها السيدة مها دياب حيث قالت “يا خجلتنا أمام أولادنا”.. نحن الأهل أصبحنا نشعر بالحرج أمام أولادنا من عدم قدرتنا على تأمين كافة متطلباتهم وحاجاتهم .،فبعض هذه الحاجات ملغى وبعضها الآخر مؤجل.،وأصبح من أهم أولوياتنا تأمين الطعام لأسرتنا وشراء الدواء بحال المرض.
أما سارة فتقول: لن أشتري ملابس العيد فأثناء تجوالي في السوق صعقت من الغلاء في الملابس، فثمن بنطال الجينز يبدأمن ١٠ آلاف حتى ١٨ ألف، يعني إذا أردت شراء بنطال وبلوزة وحذاء أحتاج إلى ٣٥ ألف ليرة وهذا فوق طاقتي كموظفة لأن ما يتبقى من مرتبي لا يكفيني ثمن طعام بقية أيام الشهر.
ويضيف السيد أحمد حسن.:قبضت راتبي الشهري في ١٧ من هذا الشهر ودفعته ثمن حاجيات أسرتي من ملبس ومأكل وبعض حلويات العيد حتى لفظ نفسه الأخير، وقال إن صرف الراتب بمنتصف الشهر لا يخدم الموظف أبدا بل يساهم في احياء السوق قبل العيد.. ويجعلنا ننتظر أكثر من ٤٠ يوم انتظار للراتب الثاني بنهاية شهر حزيران، وتقول زوجته نسرين حميشة:أنا امتنعت عن قبض معاشي في ١٧ ايار حتى لا أقوم بصرفه وفضلت تركه حتى الأول من شهر حزيران.
كنا نتمنى كموظفين اعطاء منحة تساعدنا في إكمال مستلزمات الشهر..
ازدحام في السوق وقلة الشراء..
عبد القادر الذي يملك محلا للملابس الرجالي قال إن غلاء الأسعار أكمل باقي عناصر المصيبة، فمن كان يستطيع أن يوفر شيئا من دخله لشراء ملابس أو حلويات، لم يعد يستطيع أن يوفي بهذه المتطلبات جراء ارتفاع الأسعار الذي يفوق التصور بالمقارنة مع الدخل الشهري، وهناك ازدحام في السوق إلا أن مستويات الشراء في أدنى حالاتها، فأصحاب المحال يشكون دخول نحو مئة زبون في اليوم إلا أن من يشتري لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة كما يقولون.
ويقر سامر حج عبيد -العامل في أحد متاجر الملابس في السوق- بأن الأسعار مرتفعة بشكل كبير هذا الموسم وبشكل يزيد 100% عن العيد الماضي، إلا أنه يبرر ذلك بأن سعر التكلفة عليهم ارتفع أيضا بشكل مضاعف وكل شيء باتت أسعاره خيالية.
عيد بلا عيدية..
أدت الأوضاع الحالية إلى صعوبة تقديم المساعدة والعيدية في الأعياد، حيث اعتاد العديد من السوريين، ومنهم أبو محمد شحادة الذي يملك معمل البان واجبان ، بتوزيع “خرجية” العيد على بعض أقاربه المحتاجين، إلا أن هذا العيد لن يستطيع تنفيذ ما اعتاد القيام به بسبب تراجع العمل ،وبالتالي انخفضت الإيرادات ما أدى إلى قلة الدخل الذي بالكاد يكفي تغطية مصاريف العائلة.
وتقول السيدة نائلة صقر: في الأعياد الماضية كنا نجتمع جميع أفراد العائلة مع بعضنا ونذهب إلى المطاعم والمنتزهات.. وكنت أقوم بتوزيع العيدية على أولادي وأولاد العائلة،اليوم كل شيء اختلف بسبب الوضع الاقتصادي السيء،ويوافقها بالرأي محمد عيسى حيث يقول:اعتدنا في الأعياد على زيارة الأهل واخذ حلويات العيد لهم واعطائهم العيدية، لكنا اليوم نشعر بالتقصير تجاههم ونجد أنفسنا عاجزين عن القيام بواجبنا لأن المعاش الشهري بات لايكفي ثمن طعام لأسرتنا، وأصبحت العيدية من الماضي.
مع قدوم عيد الفطر ندعو الله أن يرفع البلاء عن بلدنا، وكل عام وسورية وأهلها بخير وسلام وأمان.