ثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
انصب همه في السنوات الأخيرة على رصد تداعيات الحرب التي شنت على سورية وإظهار آثارها في مختلف مناحي الحياة عبر أفلام وثائقية ، فجاء فيلمه (حكايا من مراكز الإيواء) عام 2017 ليوثق حكايات ومشاهدات متنوعة من يوميات مراكز الإيواء مسلطاً الضوء على معاناة شعب تعرض للتهجير والألم والحصار عبر تناول حكايات مهجرين من كافة أطياف المجتمع السوري ومناطقه ، أما فيلمه الثاني (أبطال الحامية) إنتاج عام 2019 فيوثق حصار دير الزور الذي استمر لأكثر من ثلاث سنوات ، ويبرز بطولات الجيش العربي السوري وعلاقته الوثيقة مع المواطن السوري الذي تعاون مع الجيش بشكل كامل ، إضافة لإبراز رغبة القيادة السورية في المحافظة على كل شبر من الأرض السورية و إصرارها على عودة كل قطعة أرض إلى سيادتها الكاملة ، واليوم يتابع عمليات تصوير فيلمه الوثائقي الطويل الثالث الذي يندرج ضمن هذا الإطار ، وهو بعنوان (ياسمين شوكي) ويحكي فيه عن تداعيات الحرب على الأطفال من خلال تناول طيف واسع من الحالات المختلفة والمتنوعة لرصد ما تركته من تأثير على حياتهم ، والأفلام الثلاثة من إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
يعتبر فيلم (ياسمين شوكي) خطوة في سلسلة يقوم بإنجازها تحمل الخط العام نفسه في تناول الانعكاسات التي خلفتها الحرب التي شنت على سورية ، ضمن هذا الإطار يقول المخرج غسان شميط (إننا بصدد أن يكون لنا دور في توثيق هذه المرحلة ، خاصة أن الجميع قد عانى من هذه الحرب) ، ويشير إلى أن فيلمه الذي يقوم بتصويره حالياً في عدة مناطق في دمشق وريفها بما فيها أماكن كان فيها مسلحون وإرهابيون، يسعى للولوج من خلاله إلى عوالم الطفولة التي عاشت سنوات الحرب على سورية ، تلك الحرب التي تركت بصمتها القاسية على الأطفال ، فهناك العديد من الحالات الصعبة والمريرة ، ويتم خلال الفيلم تناول مختلف الشرائح والحالات ، مثل (الأطفال المشردون ، من فقدوا أهلهم ، من انحرفوا نحو ارتكاب الجرائم ..).. فالطفل عندما يأتي إلى هذه الحياة يكون كالصفحة البيضاء وتترك البيئة التي حوله أثرها في شخصيته ووجدانه وسلوكه ، ويكشف الفيلم مدى تأثر الأطفال بالبيئة التي كان فيها إرهابيون ومسلحون .
وحول الخط الفاصل بين الفيلم الوثائقي والتحقيق التلفزيوني ، يقول: ليس هناك عمل فني إلا وله هدف وفكرة نابعة من رؤية الكاتب ووجهة نظره ، فالتحقيق التلفزيوني يمكن أن يكون له هدف وأنواعه مختلفة ، لكنه ينحصر في حادثة معينة وقد يكون حيادياً ، أما الفيلم الوثائقي فيكون مدروساً ومكتوباً بصيغة سيناريو ويُبنى السيناريو بشكل درامي ، وهذه الدراما الوثائقية تعتمد على وثيقة تحتاج إلى بحث. والمادة الوثائقية والفيلمية يتم البحث عنها لفترة لأنه ليس من السهولة إيجاد الكثير من الوثائق المرتبطة بالماضي القريب أو البعيد ، وبعد التصوير وإيجاد المادة هناك المونتاج ، فالمادة التي باتت بين يديك قد تغير لك حتى مسار السيناريو ، والفيلم الوثائقي ينبغي أن يكون مكتملاً درامياً ومرتبطا بالواقع إلى حد كبير ومختصراً ، ففي (ياسمين شوكي) نطرح حكاية جيل بأكمله ، وبالتالي فالأفلام الوثائقية مهمة جداً وهي وثيقة دائمة يمكن العودة إليها بعد عشرات السنين ، والكثير منها قريبة من هموم الناس وهنا مكمن أهميتها عبر صدقها وجرأتها والأفكار التي تريد إيصالها.