ثورة أون لاين – دينا الحمد:
لماذا يصمت مجلس حقوق الإنسان حتى اللحظة عن هذا الكم الهائل من الجرائم العنصرية المقيتة التي ترتكبها إدارة الرئيس دونالد ترامب اليوم بحق الأميركيين الملونين؟!.
أليست الصور والوثائق والفيديوهات المنقولة على الهواء مباشرة، ويشاهدها العالم كله لحظة بلحظة كافية ليحرك لجانه وخبراءه ليكتبوا تقاريرهم ويصدروا قراراتهم وتوصياتهم للحفاظ على حقوق الإنسان هناك، وهي الميزة التي أسس المجلس أساساً من أجلها؟!.
أليس هو المجلس ذاته الذي أقام الدنيا ولم يقعدها غير مرة عن فبركات وصور مزيفة وتقارير ملفقة تجري في سورية وليبيا وغيرهما؟ أم أن الأمر له علاقة بإدانة من ترغب أميركا بإدانته وليس له أي علاقة أو ارتباط بحقوق الإنسان المزعومة التي وجد المجلس من أجل صيانتها؟!.
باختصار الإجابة لا تحتاج إلى كثير عناء لفك شيفرتها أو تحليل رموزها، فالمجلس نائم ولا يستيقظ إلا حينما تريد له أميركا أن يستيقظ ويدين دولة معينة تعارض سياسات الغرب، ويستنفر خبراءه ولجانه لعقد جلسة طارئة لمناقشة الوضع الطارئ فيها.
إنه صامت حتى اللحظة حيال جرائم أميركا المروعة بحق الملونين، ورغم أن ترامب أصدر أمراً بإطلاق النار علی المتظاهرين، ورغم أن أجهزة الإعلام وثقت بالصور كماً هائلاً من الممارسات العنصرية وامتهان كرامة الإنسان والدوس على حقوقه، فإنه لم يتحرك ولم يعقد اجتماعاً أو يصدر بياناً وكأن المجلس اختصاصه ليس حقوق الإنسان الذي استمد اسمه منها، بل اختصاصه إدانة كل دولة لا ترضى عنها أميركا.
كم هي المفارقات العجيبة في عالم اليوم الذي يجعل مجلس حقوق الإنسان ينفذ سياسات وأجندات منظومة العدوان ضد سورية بحذافيرها، بل يقلب الحقائق حول سورية ويصدر بياناته التي تدينها بلا أي دليل أو حجة أو منطق، فيفبرك التقارير عن حقوق الإنسان في حين نراه يصمت أمام جرائم العنصرية الموثقة والتي يشاهدها العالم كله اليوم من قلب أميركا وعلى الهواء مباشرة.
فكم هي الأدلة والوثائق والفيديوهات التي توثق قيام الشرطة والجيش الأميركيين بقتل المحتجين الأميركيين وانتهاك حقوق الإنسان في مختلف مدن الولايات المتحدة، وكم هي حجم العنصرية الممارسة ضدهم، ومع ذلك لم نر المجلس يحرك ساكناً أو يطالب بمحاكمة مرتكبي تلك الجرائم والممارسات الوحشية.
المفارقة الصارخة اليوم أن مجلس حقوق الإنسان الذي اعتمد على امتداد سنوات الأزمة في سورية على تقارير مزيفة حول حقوق الإنسان بل ومسيّسة ومتحيزة للإرهابيين ورعاتهم ومشغليهم، وأصدر تقاريره وتوصياته بناء على تلك التقارير المزيفة، هو نفسه المجلس الذي يصمت على جرائم وانتهاكات حقيقية وموثقة بالصوت والصورة تجري الآن في الولايات المتحدة الأميركية لأنه باختصار أداة طيعة في يدها كما هو حال المنظمات الدولية الفاقدة للإرادة والقرار.
اليوم ومع هذا الكم الهائل من جرائم العنصرية في أميركا، ومع هذا الكم الهائل من الصمت عليها في المقابل من قبل مجلس حقوق الإنسان وغيره من المنظمات الدولية المختصة بحقوق الإنسان في الغرب، تتعرى هذه المنظمات وتظهر على حقيقتها، فهي تكتب بالحبر الذي تفرضه واشنطن على أقلام لجانها، وتتناغم فقط مع مسرحيات إدارة ترامب العدوانية ضد هذه الدولة أو تلك كما هو الحال في تعاملها مع ما يجري في سورية منذ بدء الأزمة وحتى يومنا.