ثورة أون لاين – ناصر منذر:
تمر ذكرى الخامس من حزيران المشؤومة، وسورية تراكم انتصاراتها على التنظيمات الإرهابية التي هي أدوات صهيونية يستخدمها الكيان الإسرائيلي لاستكمال عدوانه على سورية ودول المنطقة للسيطرة عليها وتقسيمها بما يتوافق مع مشروعه الاستعماري بإقامة ما يسمى “إسرائيل الكبرى” من الفرات إلى النيل، ويعمد بدعم لا محدود من الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري لتغيير خارطة المنطقة الجغرافية والسياسية من أجل تحقيق ذلك المشروع.
ما حدث في الخامس من حزيران قبل ثلاثة وخمسين عاما من مآس مؤلمة لاتزال تلقي بظلالها على القضية الفلسطينية، وتطول تداعياتها الوطن العربي لما أحدثته نكسة عام 1967 من تحول جوهري في المنطقة بكاملها، ولكن رغم حالة خنوع بعض الأنظمة المستعربة، وبثها السموم لإضعاف وهن الشعوب العربية، إلا أن الإرادة العربية استطاعت النهوض مجددا بعد استيعاب الصدمة، وانتظارها لم يتعد الثلاث سنوات حتى أعادت الاعتبار للإنسان العربي في حرب تشرين التحريرية في السادس من تشرين الأول عام 1973حيث استطاعت سورية ومصر آنذاك استعادة بعض الأراضي العربية المحتلة في الجولان وسيناء.
بعد تلك العقود من الزمن يواصل الكيان الصهيوني وداعموه عدوانهم على الوجود الفلسطيني، بارتكاب المزيد من الجرائم ومصادرة الأراضي وتقطيع أوصال المدن الفلسطينية بالمستوطنات، وفرض الكثير من الإجراءات العنصرية لتهويد القدس الشريف وتهويد كل المعالم الحضارية العربية والإسلامية لتصفية القضية الفلسطينية من الأساس، وتأتي “صفقة القرن” اليوم لتجهز على ما تبقى من حقوق مشروعة للشعب الفلسطيني، لاسيما وأن الذكرى تتزامن اليوم مع المساعي الصهيونية والأميركية المحمومة لضم أجزاء من الضفة الغربية لما يسمى “السيادة” الإسرائيلية ضمن مخطط مؤامرة القرن، التي تساهم بعض أنظمة الخليج وفي مقدمتها النظامان السعودي والقطري لتمريرها، وتهيئة الأرضية المناسبة لترجمتها وتطبيقها على الأرض، والمشاركة في الحرب الإرهابية على سورية هي إحدى أوجه هذا العمل الإجرامي الرامي لفرض الصفقة المشؤومة بالقوة، على اعتبار أن سورية هي العائق الوحيد أمام هذا المشروع الاستعماري، والعمل على إضعافها وتحييدها عن دورها الفاعل في المنطقة من الأهداف الرئيسية للحرب التي تشن ضدها، كي يتسنى للصهيونية العالمية وأدواتها من حكومات وأنظمة غربية تمرير مشروعها العدواني.
ما نشاهده اليوم من حلقات متواصلة من سلسلة التطبيع المجاني مع العدو الصهيوني هو استكمال لعدوان حزيران، ولكل المخططات المرسومة لسورية وفلسطين وجميع دول محور المقاومة في المنطقة، حيث العلاقات بين الكيان الصهيوني ومشيخات النفط وعلى رأسها مملكة آل سعود وقطر تشهد تطوراً كبيرا وصل إلى حد التعاون والتنسيق المتواصل في دعم التنظيمات الإرهابية لاستهداف سورية واستنزاف وإضعاف جيشها البطل، إلى جانب إضعاف الجيوش العربية، وتلك العلاقات المشبوهة لم تعد في الخفاء كما في السابق، وإنما خرجت إلى العلن، وثمة أحاديث كثيرة عن قرب تبادل البعثات الدبلوماسية بين الجانبين، بقصد تفعيل مستوى التعاون لمنع محور المقاومة من العمل على استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
رغم الحرب الإرهابية المسعورة التي تتصدى لها سورية بكل قوة وحزم، والكيان الصهيوني حاضر في تفاصيلها وجزئياتها، إلا أنه سيبقى عاجزا عن تحقيق مشاريعه الاستعمارية، ووقائع الميدان تؤكد ذلك، والدول الداعمة لذاك الكيان الغاصب لن تستطيع لوي ذراع سورية مهما تمادت بإرهابها وحصارها، وكما استطاعت أن تتصدى لمفاعيل عدوان 67، فهي قادرة اليوم وإلى جانبها محور المقاومة من إجهاض كل المخططات المعدة لتغيير وجه المنطقة، لأنها أكثر تمسكا بخيار المقاومة لطرد الاحتلال واسترجاع الحقوق، وكما انتصرت في حرب تشرين التحريرية على العدو الصهيوني الغاشم، وتنتصر اليوم على أدواته الإرهابية التكفيرية، فإنها قادرة على إلحاق الهزائم بكل دول العدوان ومخططاتهم التخريبية.