في كل مرة وبعد كل اجتماع أو حديث لرئيس الحكومة أو أحد الوزراء يكون موضوع مواجهة ارتفاع الأسعار وضبط الأسواق وتحسين الوضع المعيشي للمواطن في صدارة الحديث، ونستطيع أن نفترض من خلال ما ينقل عن الاجتماعات الاهتمام المتواصل وأن ثمة جدية فعلية لمواجهة واقع الحال، الأمر الذي يجعل المواطن أحياناً يشعر بالتفاؤل، لكن هذه الحالة من التفاؤل سرعان ما تتبخر عندما يصطدم المواطن إما بحقيقة ما يتم نقله أو بسوء الأوضاع المعيشية وتفاقم زيادة الأسعار وخروج الأسواق عن السيطرة.. ولطالما كان الحديث عن الخلل في إدارة الحياة الاقتصادية والاجتماعية للناس والعوامل التي تتسبب في ذلك.
دعونا نسأل السؤال التالي:
هل تفاقم ارتفاع الأسعار يحتاج إلى معالجة الأعراض الناتجة عن تداعيات ما تواجهه البلاد، أم يحتاج إلى وصبر وتحمل لهذه التداعيات فقط؟
ثمة إجماع حتى من الحكومة نفسها بأن الأسعار وصلت إلى مستوى أكبر من التحمل والصبر على البلوى. وفي الوقت نفسه هناك دائماً وعود بالمحاسبة والمعالجة وليس التحمل فقط، المواطن يدرك الظروف الصعبة لكن من حقه على الحكومة أن تفعل أي شيء لتنقذه من دائرة اليأس، حق المواطن على الحكومة أن تفعل أي شيء يسهم في رفع قدراته الشرائية لمواجهة أسعار ترتفع في كل لحظة وليس كل يوم.. والأخطر من ذلك استحالة ضبطها.
صحيح أن أي حكومة تريد مواجهة هذا الواقع، وهي تريد بالتأكيد، وهذا واضح من نقل أجواء الاجتماعات، لكن الصحيح أيضاً أن كل ما يقال عن ضبط الأسواق ومراقبة الأسعار ومنع التلاعب بها واحتكار المواد والمحاسبة يبقى على حاله بعد أن تنتهي الاجتماعات.
مرات عديدة تكررت التأكيدات نفسها وأحيانا الكلمات نفسها عن اجتماعات متعددة حول تطوير آلية عمل المؤسسات المعنية ومنهجة التسوق من المنتجين وضبط عمليات وحلقات التوزيع وتدخّل مؤسسات الدولة بشكل فاعل ومنظم في حلقة البيع بالجملة وإدارة سوق هال عام أو تعاوني… لكن واقع الحال لا يتبدل إن لم نقل إن الأمور تتفاقم أكثر ولا سيما لجهة احتكار القلة وتلاعبهم بالسوق وبجودة وأسعار المواد والسلع الأساسية.
أما أن تكون الظروف الصعبة وتداعياتها شماعة هذا الفلتان في الاحتياجات الأساسية لمعيشة المواطن وهذا الانهيار في قدرة المواطن على الاستمرار في الحياة وأن يكون الرد “ماذا يمكن أن تفعل الحكومة؟”، فنقول: لأنكم حكومة يجب أن تعرفوا أكثر من الجميع لماذا وكيف تكون مواجهة الغلاء، ومتى وكيف يجب أن تكون المعالجة؟.
الكنز- يونس خلف