ثورة أون لاين_رشا سلوم:
لم ولن يموت الفكر القومي الذي اتقد منذ أن كانت العروبة , ربما تعترضه الكثير من الصعوبات , وهذا أمر طبيعي وهي ستزول كما زال غيرها , الفكر القومي الذي أجج شعلته المفكرون السوريون , سوف يستعيد ألقه , ويمضي نحو المستقبل , وحري بنا أن نقف عند محطات في حيوات المفكرين القوميين , من ابناء سورية , ومن هؤلاء المفكر قسطنيطين زريق المفكر الذي شغل مساحة كبيرة في التجربة القومية , وتنقل بين الكثير من المواقع الادارية , وبقي فكره شعلة متقدة , كتاب (قسطنيطن زريق المفكر القومي العربي في زمن الحلم ) الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب , يقدم إضاءات معمة على حياته وتجربته الثرة .
الكتاب هو مجموع الابحاث التي القيت في الندوة الثقافية الشهرية التي تقيمها وزارة الثقافة , ويعدها الاستاذ اسماعيل مروة , في الكتاب هذا نجد العناوين التالية: قسطنطين زريق والفكر القومي العربي , بقلم دكتور سليم بركات \ منابع الفكر القومي عند قسطنطين زريق , بقلم دكتور حسين جمعة \ زريق وتوجهات أعماله الفكرية وكتابه : نحن والتاريخ , بقلم الدكتور خليل سارة .
وثمة فصل حمل عنوان : مختارات من اعمال زريق ’ اختارته خلود أحمد رسول .
يقول عنه أحمد فرحات في مقال نشره على الشابكة : (على طول خطّ بيانه الفكري والحياتي، انشغل د. قسطنطين زريق بالمسألة القوميّة، ونظّر لها، وكَتَبَ في أفقها، ورَسَمَ في سياسات توحيد الأقطار العربيّة، وتجديد الوعي العربي، وانبعاث قوى الأمّة من بوّابة العِلم والتكنولوجيا والانخراط المُباشر في فضائهما، رؤىً وابتكاراً. علاوة على التثقيف القومي بوجوهه المُختلفة: التاريخي منه، والثقافي والحضاري، ثمّ مُعالجة شؤون الحاضر والمستقبل، والاستفادة من الماضي كقوّة دفْع في الحاضر والمستقبل، ودائماً من خلال ما سمّاه “الوعاء الديمقراطي”. ولذلك كانت كُتبه التي ألّفها تندرج بالتتابع وفق سياق العناوين الآتية: “الوعي القومي”(1939)،”معنى النكبة”(1948)، “أيّ غد؟”(1957)، “نحن والتاريخ”(1959)، “هذا العصر المتفجّر”(1963)، “في معركة الحضارة”(1964)،”نحن والمستقبل”(1977)، “مَطالب المستقبل العربي”(1983)، “ما العمل؟”(1998)…إلخ. ولا عجب، في المناسبة، أن يُعَدّ كِتابه الأوّل والحامل عنوان: “الكتاب الأحمر”(1933) بمثابة ميثاق خاصّ بالقوميّة العربيّة، والذي على أساسه، كما يقول المفكّر الفلسطيني الكبير أنيس الصايغ، قامت جمعيّات وحركات وأحزاب قوميّة نشأت في بلاد الشام والعراق، مثل “نادي المثنّى بن حارث الشيباني” في بغداد، و”النادي العربي” في دمشق، و”جمعيّة العروة الوثقى” و”عصبة العمل القومي”، و”حزب النداء القومي”،
في كِتابه “الوعي القومي” يُشدّد قسطنطين زريق على تجذير الوعي القومي وعقْلَنة مَساراته، بخاصّة في ظلّ الفوضى العارمة التي تجتاحنا عرباً؛ فكلّنا، بحسب رأيه، يشعر بالتيّارات المُختلفة التي تتقاذفنا، وبالنزعات المُتباينة التي تتجاذب نواحي حياتنا، وكلّنا يحسّ هذا الهيجان الفكري العاطفي الذي طغى علينا، والذي وزّعنا فرقاً مُتنازِعة، وأحزاباً مُتناحرِة، لا تعرف لها هدفاً بيّناً أو غاية صريحة.)
محطات في حياته
ولد في 5 نيسان 1909 – 1ورحل آب 2000.
ولِد قسطنطين زريق في حي القيمرية بدمشق وهو ابن عائلة متوسطة الحال. دَرس في مدرسة الآسيّة ونظراً لتفوقه العِلمي، تم ارساله إلى الجامعة الأميركية في بيروت عن طريق منحة قدمها له الدكتور فيليب حتي، مُدرّس التاريخ في تلك الجامعة كان زريق راغباً بدراسة الهندسة لاالتاريخ، ولكنه غيّر مجال اختصاصه في السنة الأخيرة، عندما قرر فيليب حتي مغادرة الجامعة الأميركية للذهاب إلى جامعة برنستون في الولايات المتحدة. تبناه الدكتور أسد رستم في الجامعة الأميركية قائلاً أن خلفية قسطنطين زريق بالرياضيات دربته على الدقة والموضوعية والتتبع في الاستنتاج، مما سوف يجعل منه مؤرخاً بارعاً في المستقبل.
سافر زريق إلى الولايات المتحدة لإكمال اختصاصه بالتاريخ ووصل إلى جامعة شيكاغو في حزيران 1928. وبعد نيله شهادة الدكتوراة ذهب إلى جامعة كولومبيا لدراسة تاريخ الدول الهلنستية وتاريخ أوروبا القديم. وأخيراً وصل إلى جامعة برنستون، حيث دَرس التاريخ العربي على يد الدكتور فيليب حتي، الذي كان قد تبناه عِلمياً منذ أن كان طالباً مدرسياً. عاد بعدها قسطنطين زريق إلى لبنان وعُيّن استاذاً لمادة “تاريخ العرب” في الجامعة الأميركية في بيروت سنة 1930.
العروة الوثقى
اهتم قسطنطين زريق بشؤون الطلاب وقدم دعماً فكرياً ولوجستياً غير محدود لجمعية العروة الوثقى الطلابية التي نشطت في الجامعة الأميركية منذ الحرب العالمية الأولى، المعنية بتشجيع الوعي القومي لدى الطلاب وحثهم على ممارسة الكتابة والخطابة باللغة العربية الفصحى. كما أصر الدكتور زريق على إعطاء كافة محاضراته باللغة العربية، رافضاً التحدث مع الطلاب باللغة الأنكليزية بالرغم من أن الجامعة كانت أميركية الإدارة والهوية، تتبع لمجلس إمناء منتخب في مدينة نيويورك. تأسيس عصبة العمل القومي.
انضم قسطنطين زريق في شبابه إلى لفيف من القومين العرب الذين أسسوا عصبة العمل القومي في قرية قرنائل اللبنانية عام 1932وكان بين مؤسسيها المفكر القومي زكي الأرسوزي والسياسي الدمشقي صبري العسلي، إضافة لرئيسها الشاب، عبد الرزاق الدندشي. وقد تم تأسيس تنظيم سري لدعم عصبة العمل القومي، عُرف باسم “المجموعة القومية العربية،” وكان قسطنطين زريق في صدارته، مع العِلم أن عمله في الجامعة الأميركية في بيروت كان يمنعه من الانضمام إلى أي تنظيم سياسي. عَمل معه في هذا التنظيم درويش مقدادي من فلسطين وفؤاد المفرّج من سورية، وكلاهما من طلاب زريق المتفوقين في الجامعة الأميركية. عقدوا أول اجتماع لهم في منطقة البسطة في بيروت والثاني في داره الكائنة في شارع جان دارك القريب من مكان عمله. وقد وضعوا خلاصة أفكارهم ومبادئهم في كتاب صغير مُغلف باللون الأحمر، أطلق عليه “الكتاب الأحمر.” كان هدفهم التغلغل في الجمعيات والأحزاب الرئيسية القائمة يومها في سورية ولبنان والوصول إلى قمة الهرم فيها ليتمكنوا من التأثير على قراراتها المتعلقة بالقضية العربية.