ثورة أون لاين -ترجمة ميساء وسوف:
يبدو واضحاً أن سياسات التمييز العرقي أصبحت في قمة الأجندة السياسة الأمريكية بعد جريمة القتل الوحشية لجورج فلويد في مينيابوليس،أكثر المدن الأمريكية تقدماً .
هناك طلب متزايد وواضح على ضرورة وجود قيادة وطنية لتوحيد الولايات المتحدة المنقسمة ، في الوقت الذي يتبنى فيه الرئيس دونالد ترامب تكتيكات تغذي الانقسام وتهدد بعدم الاستقرار والعنف بشكل أكبر.
إن مطالبة الرئيس ترامب بأن “يهيمن” المحافظون على المحتجين والتي تم دعمها بالسماح للشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الشرعيين خارج البيت الأبيض ، بالإضافة إلى قراره بنشر القوات العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، تشير جميعها إلى الهيمنة الخطيرة التي يمارسها القادة المهووسون بالسلطة وهذا ما كان ترامب يرغب به منذ فترة طويلة.
إن تغريدات الرئيس ترامب وتكتيكاته الغريبة إلى جانب صور العنف في شوارع أمريكا صدمت الشعوب في مختلف بلدان العالم وزعزعت ما تبقى من القوة الرمزية الأمريكية على المسرح العالمي. لقد كان لتكتيكات الرئيس ترامب نتائج عكسية ، وهذا بدوره أدى إلى تصعيد العنف وتعزيز الأزمة السياسية والاقتصادية الأمريكية.
فخلال أسبوع واحد فقط ، تغيّرت العناوين الرئيسية الواردة من الولايات المتحدة بشكل حاد عن الآثار المدمرة لوباء كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 130000 شخص حتى الآن، كما عانى أكثر من 40 مليون أمريكي من البطالة.
وقد غردت الروائية الأمريكية الشهيرة إيريكا جونغ: “هل نسي الجميع الوباء؟”
إن الوباء مازال موجوداً ، بل إنه في الواقع يشعل الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد. فالاحتجاجات العرقية لها تاريخ طويل في أمريكا وقد كشف الوباء عن عدم المساواة العرقية المتجذرة المتبقية حتى في التعامل مع الأوبئة، كما أنه أحبط أيضاً طموحات الشباب. كل هذا ساهم في إضافة موجة جديدة من الاستياء للأوضاع الحالية في أمريكا.
إن الموجة الحالية من الاحتجاجات عبر أكثر من 140 مدينة أمريكية تأتي في أعقاب الموت والقتل وفقدان الوظائف بين الأمريكيين من أصل أفريقي غير المتناسب مع بقية الأعراق، وكان هذا مزعجاً باعتبارهم مواطنين ومشاركين في المجتمع الأمريكي. كما أن الاحتجاجات قد جاءت أيضاً في ظروف قاسية اذ يعاني الكثير من الشباب الأمريكي من البطالة، إضافة إلى عزلهم اجتماعياً منذ عدة شهور.
ومن المؤكد أن اهتمام الرئيس ترامب بشعبيته هو القوة الدافعة وراء كل تكتيكاته. فطوال فترة ولايته ، حاول ترامب صرف الانتباه عن أي سياسة تهدد بتقويض شعبيته. ويبدو واضحاً أن هذه الاحتجاجات تعمل على تشتيت انتباه الأمريكيين ، وبقية العالم، عن التركيز على الاستجابة غير المنظمة والفوضوية لأزمة صحية وطنية من قبل الإدارة الأمريكية.
ولكن في سياق الآثار الصحية والاقتصادية السيئة والمستمرة للوباء ، فمن المؤكد الآن أن العرق والوباء سيكونان عاملين دافعين للأمريكيين عندما يذهبون إلى صناديق الاقتراع في تشرين الثاني المقبل.
إلا أن العديد من الاحتجاجات في جميع أنحاء الولايات المتحدة كانت سلمية ، وانتشرت صور المتظاهرين بسرعة عبر الشبكات الوطنية ووسائل التواصل الاجتماعي.
إنه لرهان فعلا افتراض أن أياً من الدوائر الانتخابية ستتأثر باستخدام القوة العسكرية في مدن أمريكا ، أو العنف ضد الأمريكيين من أصل أفريقي ، خاصة مع استمرار انتشار وباء كوفيد-19، فإذا كان هناك أي شيء ، فمن المرجح أن تدفع السياسة الحالية الناخبين الأمريكيين من أصل أفريقي إلى صناديق الاقتراع ، خاصة إذا اختار بايدن ، وهذا مرجح ، امرأة أمريكية من أصل أفريقي لتكون مرشحة أيضاً في الانتخابات القادمة. كما أن هناك أسباباً قوية للاعتقاد بأن الوباء سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الإقبال بين الناخبين الشباب الذين تضرروا بشدة من البطالة وإغلاق الجامعات. كل هذه المؤشرات لا يبدو أنها تبشّر بالخير للرئيس ترامب.
فمن الواضح أن الانتخابات الرئاسية القادمة سوف تغيّر قواعد اللعبة ،ليس فقط في أمريكا ولكن أيضاً في بقية أنحاء العالم.
يبدو أن الوباء قد سرّع بالفعل من المشاركة الدولية غير المنتظمة لترامب فسياسته تتأرجح حتى ضد أصدقاء أمريكا أنفسهم، وكذلك الحال بالنسبة للمؤسسات التي تحتاج للتمويل والاستثمار فيها من قبل الولايات المتحدة وبقية العالم من أجل تأمين مستقبل أجيال اليوم والأجيال القادمة.
بقلم الدكتورة ليزلي فينجاموري
المصدر : Chatham House