بين فترة وأخرى، تطفو على السطح قضية بسبب حدث ما، تنشغل بها الكتابات والمقالات إلى أن تتلقف الأيدي قضية جديدة..تنشغل بها…
أبرز القضايا الحامية اليوم، كل ماله علاقة بقضايا التمييز العنصري التي ظهرت منذ اندلاع المظاهرات الأميركية إثر مقتل جورج فلويد، لا نفتح موقعاً إلا ونقرأ عن الطريقة التي تعاطت فيها السينما أو الدراما، أو الأدب مع قضية التمييز العنصري، سواء مع أم ضد.. وصولاً إلى تنديد الشخصيات الشهيرة، وحتى منصات الأنترنت التي أدانت الأمر …
ووصلت الإدانات إلى فيلم (ذهب مع الريح) حيث تم سحبه من بعض المنصات الترفيهية، بعد حملة طالته على مواقع التواصل اتهمته بالعنصرية، معتبرين أن (الفيلم نتاج زمانه ويصور بعض التحيزات العرقية… ولا يجوز عرضه الآن من دون تعديل أو من دون مناقشة سياقه التاريخي…).
بعد أن وصل الأمر إلى الإطاحة بفيلم يعتبر من كلاسيكيات السينما.. وعمت الاحتجاجات ليس في الولايات المتحدة فقط بل امتدت إلى العديد من الدول، إلى متى سيستمر التعاطي مع هذه القضية وكيف سننتقل بفعل السحر إلى قضية أخرى؟… لا نعرف حتى الآن..
وبالطبع، فإن التفاعل مع القضية غربياً، يختلف عنه عربياً… باعتبارها مفاجئة، وطارئة… ولكنه تفاعل إعلامي آني.. وإن كان التفاعل مع القضايا الطارئة بهذا الشكل، قد نبرر الأمر.
ولكن المشكلة حين يتم التفاعل بشكل آني مع قضايانا المهمة، بطريقة طارئة، يتفاعل معها الجميع حين توقد شرارة ما… ثم تنسى، وتستمر ملامح قضايا باهتة، ننشغل بها طوال الوقت، توقد شرارتها لفترة مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة تظهر عمق الأزمة الثقافية لدينا، والذي يظهر يوماً إثر آخر مدى الأزمة الثقافية التي نعاني منها، وضعف تأثير المشاريع الثقافية التي ظهرت في فترات لامعة ولكنها وئدت بلا أي صدى واقعي واسع، إذ بقيت أسيرة نخب، ولم تتمكن من بناء تراكمي يمكن عبره صعود مجتمعاتنا نحو تغيير يدفع بكل القضايا المهمة لأن تكون واجهة دائمة.
رؤية – سعاد زاهر