ثورة أون لاين – لميس عودة:
العنصرية المتجذرة داخل الولايات تناثرت شظاياها لتشمل عدداً من دول القارة الأوروبية وخاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا التي خرج فيها الآلاف في تظاهرات احتجاجية ضد الظلم الممارس والتعديات على حقوق الكثيرين، فالتمييز العرقي والتفرقة الاجتماعية تضرب جذورها في عمق التركيبة الهيكلية والبنيوية الغربية كأساسات ترتكز عليها كل القوانين الناظمة في هذه الدول التي تدعي الديمقراطية وترفع شعار الحريات.
وهو أي التفريق البغيض وفرز المجتمع على أسس عنصرية، نهج يتبعه الغرب الاستعماري وإن صدع حكامه ومتزعموه السياسيون رؤوسنا بخطاباتهم الرنانة الممجوجة عن حقوق الإنسان، فإنهم يمتطون حبال الأكاذيب والذرائع الواهية لغزو الدول التي يناصبونها العداء لعدم ارتهانها لمشيئتهم، ويطمعون بنهب مقدراتها الوطنية والتدخل في قراراتها السيادية بما يخدم تنفيذ أجنداتهم الاستعمارية.
الرأي العام العالمي اليوم برمته ينتفض ضد العنصرية استنكاراً وإدانة واحتجاجاً، ويعري المنظومة اللا أخلاقية في الغرب الاستعماري ليس في أميركا فحسب، إنما على امتداد رقعة الخريطة الأوروبية، حيث إن كرة النار العنصرية التي تدحرجت في الولايات الأميركية وكشفت زيف الأكاذيب الأميركية بصون حقوق الإنسان وفضحت الممارسات العنجهية ضد ذوي البشرة الملونة من المواطنين الأميركيين، تكمل دحرجتها إلى عدد من الدول الأوربية التي يعاني قسم كبير من مواطنيها من التفرقة والتمييز العنصري حسب العرق واللون وفق مقياس فرز لا أخلاقي.
ما يجري من أحداث في أميركا وأوروبا، سواء أدت بنهاية المطاف للضغط على حكومات تلك الدول لتغيير نهجها غير الإنساني بحق مواطنيها ممن تنظر إليهم نظرة دونية، وتنتهك حقوقهم، أم استمرت هذه الدول المارقة على القوانين الإنسانية والأخلاقية في تضييق الخناق وزيادة ممارساتها العنصرية واستمرت في اتباع أساليب الفرز الاجتماعي والطبقي البغيض، فإنها نزعت عن وجه أميركا والغرب الاستعماري أقنعة الإنسانية على الملأ، وأماطت اللثام عن ازدواجية المعايير الإنسانية، وكشفت التناقض الصارخ بين الشعارات الدعائية وبين التطبيق والممارسات.
كما أن ما جرى حتى الآن يحشر المؤسسات الأممية في خانة التسييس وعدم النزاهة، حيث تصب قراراتها فقط في خانة خدمة أجندات أميركا والغرب الاستعماري، ويظهر حقيقة الغرب العدواني الذي يفتقر للقيم، فكل شعاراته الإنسانية والحقوقية هي للمزايدة فقط، وللاستثمار السياسي الدنيء بهدف غزو الدول التي هي محط الأطماع الاستعمارية.
فالشعارات التي تستخدمها أميركا وذيولها الغربيين لزعزعة استقرار الدول والنيل من سلامة شعوبها وأمنهم في منطقتنا، والقوانين التي تستصدرها من مجتمع دولي فاقد للمسؤولية والمصداقية والنزاهة والتي تفصلها حسب أطماعها، ثبت بالبرهان أنها هي من ينتهكها ويجب أن تحاسب وتجرم على فظائعها بحال كان للمجتمع الدولي بقية من هيبة أو نزاهة.
لكن للأسف معظم المجتمع الدولي يرى بعيون أميركية، ورهن أوامرها، وأسير قيود التسلط والهيمنة، فكيف له أن يناصر حقوق الشعوب، ويصون سيادة وأمن الدول، إن لم ينفض عن عباءته غبار التبعية ؟!.