ثورة أون لاين-ناصر منذر:
إدارة الإرهاب الأميركي تركب رأسها مصممة على الثأر والانتقام لهيبتها التي تتكسر على صخرة الصمود السوري، وتريد تمرير مشروعها الاستعماري المعد للمنطقة بأي ثمن، عبر محاولاتها العبثية لإخضاع سورية، تُجيِّش كل أدواتها وعملائها وأجرائها، وتستثمر إرهابها الاقتصادي بأقذر الصور، رغم كل قناعاتها بأن سورية لن تتزحزح قيد أنملة عن ثوابتها السياسية والوطنية، وقد سبق لواشنطن أن جربت ذلك عبر عدوانها المتواصل، ودعمها المستمر لكل مسميات التنظيمات الإرهابية، واحتلالها المباشر لأجزاء من الأراضي السورية، ومحاربتها كل الحلول السياسية، والنتيجة كانت مزيداً من الثبات والصمود أمام كل حلقات التصعيد السابقة.
سياسة الحصار والتجويع لن تُحقّق لأميركا أي من أهدافها، هي تزيد من معاناة السوريين، وهذا أمر لا شك فيه، ولكنها أيضاً تزيد قناعاتهم بخيارهم المقاوم، وبأن ثمن هذا الخيار مهما ارتفع يبقى أقل تكلفة بكثير من خيار الخضوع والاستسلام، فهم يواجهون عدواً متخماً بالغطرسة والعنصرية، وأطماعه ليس لها حدود، لا سيما وأنهم ليسوا معتادين تاريخياً على تقديم التنازلات لأحد، ويشاهدون اليوم مصير مستمرئي التنازلات، ممن أصبحوا سعاة بريد للمشروع الصهيو-أميركي، رهنوا سيادتهم وقرارهم وبلدانهم وكل خياراتهم لهذا العدو المتوحش الذي جردهم حتى من هوية انتمائهم، فباتوا جزءاً من أدواته الرخيصة لاستهداف الشعوب الحرة والمقاومة.
“قيصر” لا يمكن وضعه إلا في خانة العجز والإفلاس الأميركي، وما هو إلا ترجمة لهزيمة المشروع الأميركي، حيث فقدت الولايات المتحدة الكثير من أدواتها وأذرعها الإرهابية من “داعش والنصرة” وغيرهما من التنظيمات الوهابية التكفيرية، إضافة إلى الكثير من أوراق الابتزاز والضغط العسكري، وواشنطن قالتها بكل صراحة ووضوح بأن جانباً من عقوباتها الجائرة هو ردٌّ على محاربة الجيش العربي السوري للإرهابيين بإدلب، وهذا يؤكد مجدداً الترابط العضوي بين التنظيمات الإرهابية وساكني البيت الأبيض، ويدحض في الوقت نفسه كل المزاعم الأميركية بمحاربة الإرهاب، لأنه لو كانت واشنطن صادقة بمزاعمها تلك لحاربت نفسها أولا، وناصرت كل شعب يستهدفه الإرهاب متعدد الجنسيات، ولكانت التزمت بقواعد القانون الدولي الذي يجيز لكل دولة حقها المشروع في الدفاع عن شعبها وأرضها وسيادتها بوجه الإرهاب والاحتلال أيّاً كان شكله، فما بالنا إذا كانت الدولة السورية تحارب الإرهاب والاحتلال معاً، وتتصدى لأشرس حرب اقتصادية قذرة يفرضها الأميركي والأوروبي، ويساهم فيها كافة عملاء وأدوات الغرب الاستعماري.
التصدي لمفاعيل “قيصر” هو جزء من المواجهة المباشرة مع أميركا العنصرية، أي مع الأصيل، بعدما فشل الوكيل الإرهابي بتحقيق الأجندات العدوانية المُعدَّة لسورية وشعبها، وهذا يُحمِّل المجتمع الدولي بكل مؤسساته وهيئاته السياسية والقانونية والحقوقية مسؤولية تاريخية لمواجهة هذا العدو المشترك للبشرية جمعاء، لاسيما وأن العقوبات الاقتصادية باتت اليوم السلاح الأكثر قذارة التي تستخدمه أميركا لإرهاب الكثير من الشعوب الرافضة لسياستها، الأمر الذي بات يستوجب التعاضد والتكاتف لوضع حدٍّ لممارسات هذا الوحش الأميركي المتغطرس.