ثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
على إيقاع إرهاب اقتصادي شديد الوطأة تشنّه ولايات الشر الأميركية ضد الشعب السوري بنيّة تحقيق ما عجز عنه عدوانها العسكري ووجودها الاحتلالي في الجزيرة السورية، ينبري حليفها الإرهابي “الكيان الصهيوني” لتجريب حظّه في العدوان مرة جديدة على الأراضي السورية وفي قناعاته الجوفاء أن “زعرنته” الليلية يمكن أن ترهب الدولة السورية أو تدفعها لقبول شروط المأفونين جيمس جيفري ومايك بومبيو التي تفوح منهما رائحة صفقة القرن المعطلة بثبات وإصرار محور المقاومة على إفشالها مهما كلف الأمر.
هي حلقة جديدة معادة ومكررة من حلقات الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي والتضليلي التي يشنها محور العدوان بقيادة واشنطن على سورية منذ أكثر من تسع سنوات دون أن تصل إلى مبتغاها الخبيث وأهدافها المعلنة أو حتى المبيتة، حيث انهارت جحافل الإرهاب المدعومة أميركيا على الرمال السورية وتحولت بجبروت الجيش العربي السوري وحلفائه إلى شراذم ساقطة ومرتزقة رخيصة يستخدمهم نظام أردوغان الاخواني في مشاريعه الحالمة على مساحة المنطقة، وتتذرع بهم واشنطن من حين إلى آخر لإعادة طرح بعض ذرائعها المملة للبقاء لأطول فترة ممكنة في الشمال السوري إمعانا في سرقة ثروات الشعب السوري وتأخير الحل السياسي وتشجيع مرتزقة “قسد” على حلمهم الأرعن بالانفصال عن الوطن الأم سورية.
ولكن لن نستبق الأحداث، فالحرب وإن اقتربت من خواتيمها العسكرية بإنجازات مهمة للدولة السورية وحلفائها ما زالت تخبئ في جعبتها المزيد من جولات العدوان والترهيب والتدخل التي تترجم يأس واشنطن وحلفائها وأدواتها من تحقيق أهدافهم، وذلك على مشارف انتخابات رئاسية أميركية لاهبة يحاول ترامب المأزوم داخلياً الاستحواذ فيها على ولاية ثانية رغم كل الأضرار التي ألحقها بالأميركيين والمنطقة والعالم، معتمداً بذلك على اللوبي الصهيوني وتأثيره الفعال في الانتخابات داخل الولايات المتحدة وهو صاحب الكلمة الفصل في إيصال المرشح الأكثر دعماً للكيان الغاصب إلى البيت الأبيض، وقد اعتادت شعوب المنطقة على أن تكون الانتخابات الرئاسية الأميركية بازاراً فضفاضاً ومفتوحاً لتقديم الهدايا القيمة والوعود الذهبية لمن يدير دفة الحكم في الكيان الصهيوني، وكثيراً ما ينجح أصدقاء التلمود في حجز مقعدهم الرئاسي في الولايات المتحدة، لأن إرضاء المتطرفين في “إسرائيل” من قبل المرشحين للرئاسة هو أهم بكثير من إرضاء عموم الشعب الأميركي الذي ضاق ذرعاً بسلوكيات ترامب، وقد مضى على احتجاجاته على جرائم إدارته وشرطته العنصرية ما يقارب الشهر.
ويقينا نقول: لو أن حكومة العدو الإسرائيلي الساعية بكل غطرستها لضم مستوطنات الضفة الغربية وغور الأردن تستطيع إنجاز صفقة القرن بيسر وسهولة ودون أن تنفجر في وجهها الكثير من الألغام لما أسرفت في محاولات العدوان ضد سورية من أجل الضغط عليها، ولما بالغت في تسخير مسؤولي الإدارة الأميركية من أعلى الهرم “ترامب” وصولاً إلى جيمس جيفري أو ما يسمى زورا “المبعوث الأميركي إلى سورية” ــ راعي الإرهابيين والمرتزقة في الشمال السوري ــ من أجل أن يقدموا لائحة الشروط الصهيونية للدولة السورية نيابة عن الكيان الغاصب.
ويقيناً أيضاً لو أن لدى أعداء سورية سوى هذه الخيارات الهزيلة التي سبق أن جربوها مرات ومرات ولم تحقق أدنى فائدة لما وفروها أو اقتصدوا بها، غير أن تكرارهم لها يؤكد جهلهم المدقع بحقيقة السوريين الذين أذهلوا العالم بصمودهم ومقاومتهم وعنادهم في التمسك بأرضهم والدفاع عن قضاياهم رغم كل ما واجهوه وعانوه من موجات إرهاب وعدوان وحصار وتضليل، والسوريون مستعدون للمضي قدماً في هذه المعركة حتى آخر الشوط، ومن يراهن على استسلامهم أو يأسهم فإنه يرتكب أكبر الحماقات، فلا سياسة العدوان ولا سياسة الحصار والعقوبات تمكنت منهم في ثمانينات القرن الماضي عندما كانوا لوحدهم في المواجهة مع أميركا وحلفها الأطلسي لتتمكن منهم نفس السياسات وإلى جانبهم حلفاء أقوياء سبق لهم أن أفشلوا سياسات الحصار والعدوان ضد شعوبهم.